للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ فِي مَوْضِعِ قُلَّتَانِ مِنْهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ إِذَا تَبَاعَدَ وَاغْتَرَفَ مِنْ مَوْضِعٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ قُلَّتَانِ، جَازَ اسْتِعْمَالُهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَعَلَيْهِ يُقَالُ: مَاءٌ هُوَ أَلْفُ قُلَّةٍ، نَجِسٌ بِلَا تَغَيُّرٍ، فَهَذِهِ صُورَتُهُ.

أَمَّا النَّهْرُ الْعَظِيمُ، فَلَا يُجْتَنَبُ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَا حَرِيمَ النَّجَاسَةِ، وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ فِي التَّبَاعُدِ عَمَّا حَوَالَيِ النَّجَاسَةِ. وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يُجْزِئُ، وَوَجْهٌ أَنَّهُ يَجِبُ اجْتِنَابُ الْحَرِيمِ خَاصَّةً، وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ، وَطَرَدَهُ فِي حَرِيمِ الرَّاكِدِ أَيْضًا.

وَالْمَذْهَبُ: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ اجْتِنَابُ الْحَرِيمِ فِي الْجَارِي، وَلَا فِي الرَّاكِدِ. ثُمَّ الْعَظِيمُ: مَا أَمْكَنَ التَّبَاعُدُ فِيهِ عَنْ جَوَانِبِ النَّجَاسَةِ كُلِّهَا بِقُلَّتَيْنِ. وَالْمُعْتَدِلُ: مَا لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهِ. وَمِنَ الْمُعْتَدِلِ: النَّهْرُ الَّذِي بَيْنَ حَافَّتَيْهِ قُلَّتَانِ فَقَطْ.

وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْمُعْتَدِلُ: مَا يُمْكِنُ تَغَيُّرُهُ بِالنَّجَاسَاتِ الْمُعْتَادَةِ. وَالْعَظِيمُ: مَا لَا يُمْكِنُ تَغَيُّرُهُ بِهَا. وَأَمَّا الْحَرِيمُ: فَمَا يُنْسَبُ إِلَى النَّجَاسَةِ بِتَحْرِيكِهِ إِيَّاهَا، وَانْعِطَافِهِ عَلَيْهَا، وَالْتِفَافِهِ بِهَا.

قُلْتُ: غَيْرُ الْمَاءِ مِنَ الْمَائِعَاتِ يَنْجُسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ كَثُرَ. وَإِنَّمَا لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ لِقُوَّتِهِ. وَلَوْ تَوَضَّأَ مِنْ بِئْرٍ، ثُمَّ أَخْرَجَ مِنْهَا دَجَاجَةً مُنْتَفِخَةً، لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُعِيدَ مِنْ صَلَاتِهِ إِلَّا مَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِالْمَاءِ النَّجِسِ. ذَكَرَهُ صَاحِبُ (الْعُدَّةِ) . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابٌ

إِزَالَةُ النَّجَاسَةِ

النَّجِسُ ضَرْبَانِ: نَجِسُ الْعَيْنِ، وَغَيْرُهُ، فَنَجِسُ الْعَيْنِ: لَا يَطْهُرُ بِحَالٍ، إِلَّا الْخَمْرَ، فَتَطْهُرُ بِالتَّخَلُّلِ، وَجِلْدَ الْمَيْتَةِ بِالدِّبَاغِ. وَالْعَلَقَةَ وَالْمُضْغَةَ وَالدَّمَ الَّذِي هُوَ حَشْوُ الْبَيْضَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>