فَصْلٌ
فِي مَسَائِلَ يَتَوَلَّدُ الدَّوْرُ فِيهَا مِنْ أَصْلَيْنِ
مَسْأَلَةٌ: أَعْتَقَ مَرِيضٌ عَبْدًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، ثُمَّ قَتَلَهُ السَّيِّدُ، فَهَلْ يَنْفُذُ الْعِتْقُ فِي جَمِيعِهِ إِذْ لَا تَرِكَةَ، أَمْ لَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِ؟
فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي نَظَائِرِهِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ: قِيَاسُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُوَ الثَّانِي، فَإِنْ تَرَكَ السَّيِّدُ مَالًا إِذَا قُضِيَتِ الدِّيَةُ مِنْهُ كَانَ الْبَاقِي ضِعْفَ قِيمَتِهِ، فَهُوَ حُرٌّ، وَإِنْ تَرَكَ مِنَ الْمَالِ دُونَ ذَلِكَ، عَتَقَ بَعْضُهُ، وَلَزِمَ السَّيِّدَ قِسْطُ مَا عَتَقَ مِنَ الدِّيَةِ، وَلَا يَرِثُ السَّيِّدُ مِنْ دِيَتِهِ، لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، بَلْ إِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ أَقْرَبَ مِنْ سَيِّدِهِ، فَهِيَ لَهُ، وَإِلَّا، فَلِأَقْرَبِ عَصَبَاتِ السَّيِّدِ.
مِثَالُهُ: قِيمَتُهُ مِائَةٌ، وَقِيمَةُ إِبِلِ الدِّيَةِ ثَلَثُمِائَةٍ، وَلَوْ تَرَكَ السَّيِّدُ ثَلَثَمِائَةً، فَتَقُولُ: عَتَقَ شَيْءٌ، وَعَلَى السَّيِّدِ مِنَ الدِّيَةِ ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ، وَبَاقِي الْعَبْدِ الَّذِي بَطَلَ الْعِتْقُ فِيهِ قَدْ أَتْلَفَهُ بِالْقَتْلِ، فَلَمْ يَتْرُكْ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةٍ، وَهِيَ مِثْلُ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ، يَقْضِي مِنْهَا مَا وَجَبَ مِنَ الدِّيَةِ، وَيَبْقَى ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ تَعْدِلُ ضِعْفَ مَا عَتَقَ وَهُوَ شَيْئَانِ، فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ، فَثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ، فَتَقْلِبُ الِاسْمَ، فَالْعَبْدُ خَمْسَةٌ، وَالشَّيْءُ ثَلَاثَةٌ، يَعْتِقُ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَهُوَ سِتُّونَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الدِّيَةِ؛ وَهِيَ مِائَةٌ وَثَمَانُونَ، يَبْقَى مِائَةٌ وَعِشْرُونَ ضِعْفَ مَا عَتَقَ.
مَسْأَلَةٌ: أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَبْدًا، فَجَنَى الْعَبْدُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بِقَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ، وَلَا مَالَ لِلسَّيِّدِ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ مِثْلَ قِيمَتِهِ فَأَكْثُرُ، لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ دَيْنٌ، فَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَصِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ دُونَهَا، بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةً، وَالْأَرْشُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ، عَتَقَ شَيْءٌ، وَرَقَّ الْبَاقِي، وَالْأَرْشُ يَتَوَزَّعُ عَلَيْهِمَا، فَحِصَّةُ مَا عَتَقَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَحِصَّةُ مَا رَقَّ تُؤَدَّى مِنْهُ إِنْ أَرَادَ السَّيِّدُ التَّسْلِيمَ، وَالْأَرْشُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْقِيمَةِ، فَعَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute