الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ. وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمُ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَنْعِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَكَذَا اسْتِئْجَارُ الْمُفْتِي لِيَكْتُبَ الْفَتْوَى.
الْأَدَبُ السَّادِسُ: يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي الْمُشَاوَرَةُ وَإِنَّمَا يُشَاوِرُ الْعُلَمَاءَ الْأُمَنَاءَ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْمَعَ أَصْحَابَ الْمَذَاهِبِ الْمُخْتَلِفَةِ لِيَذْكُرَ كُلُّ وَاحِدٍ دَلِيلَهُ فَيَتَأَمَّلُهَا الْقَاضِي وَيَأْخُذُ بِأَرْجَحِهَا عِنْدَهُ، ثُمَّ الَّذِينَ يُشَاوِرُهُمْ إِنْ شَاءَ أَقْعَدَهُمْ عِنْدَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَقْعَدَهُمْ نَاحِيَةً، فَإِذَا احْتَاجَ اسْتَدْعَاهُمْ.
قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الْمُشَاوَرَةُ تَكُونُ عِنْدَ اخْتِلَافِ وُجُوهِ النَّظَرِ، وَتَعَارُضِ الْآرَاءِ، فَأَمَّا الْحُكْمُ الْمَعْلُومُ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعِ [أَوْ] قِيَاسٍ جَلِيٍّ، فَلَا مُشَاوَرَةَ فِيهِ وَإِذَا حَضَرَ الْمُسْتَشَارُونَ، فَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ مَا عِنْدَهُمْ إِذَا سَأَلَهُمْ وَلَا يَبْتَدِئُونَ بِالِاعْتِرَاضِ وَالرَّدِّ عَلَى حُكْمِهِ إِلَّا إِذَا كَانَ حُكْمًا يَجِبُ نَقْضُهُ، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَذَكَرَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُمْ يَحْضُرُونَ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْجُمْهُورُ يُوَجَّهُ بِأَنَّهُمْ بِانْتِظَارِهِ أَوْلَى كَمَا فِي الصَّلَاةِ.
[الْأَدَبُ] السَّابِعُ: يُكْرَهُ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ بِنَفْسِهِ، بَلْ يُوَكِّلُ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ النَّاسُ، فَإِنْ عَرَفُوهُ بِوِكَالَتِهِ أَبْدَلَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُوَكِّلُهُ، عَقَدَ بِنَفْسِهِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ وَقَعَتْ خُصُومَةٌ لِمُعَامَلَةٍ، أَنَابَ مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَصْمِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَمِيلَ إِلَيْهِ، وَلَا يَخْتَصَّ هَذَا الْحُكْمُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، بَلْ يَعُمُّ الْإِجَارَةَ وَسَائِرَ الْمُعَامَلَاتِ، بَلْ نُصَّ فِي «الْأُمِّ» أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ فِي نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَلَا أَمْرِ ضَيْعَتِهِ، وَيَكِلُ إِلَى غَيْرِهِ لِيَتَفَرَّغَ قَلْبُهُ.
فَصْلٌ
يَحْرُمُ عَلَى الْقَاضِي الرِّشْوَةُ، ثُمَّ إِنْ كَانَ لَهُ رِزْقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ، لَمْ يَجُزْ أَخْذُ عِوَضٍ مِنَ الْخُصُومِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute