فَصْلٌ
فِي سُنَنِ الصَّوْمِ.
مِنْ سُنَنِ الصَّوْمِ، تَعْجِيلُ الْفِطْرِ إِذَا تَحَقَّقَ غُرُوبُ الشَّمْسِ، وَأَنْ يُفْطِرَ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَعَلَى الْمَاءِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: يُفْطِرُ عَلَى تَمْرٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَعَلَى حَلَاوَةٍ أُخْرَى، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، فَعَلَى الْمَاءِ.
وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: الْأَوْلَى فِي زَمَانِنَا أَنْ يُفْطِرَ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ بِكَفِّهِ مِنَ النَّهْرِ لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنِ الشُّبْهَةِ.
وَيُسَنُّ السَّحُورُ وَأَنْ يُؤَخِّرَهُ مَا لَمْ يَقَعْ فِي مَظِنَّةِ الشَّكِّ. وَالْوِصَالُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَالثَّانِي: كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ.
وَحَقِيقَةُ الْوِصَالِ: أَنْ يَصُومَ يَوْمَيْنِ فَصَاعِدًا وَلَا يَتَنَاوَلَ شَيْئًا بِاللَّيْلِ. وَالْجُودُ وَالْإِفْضَالُ مُسْتَحَبٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَفِي رَمَضَانَ آكَدُ. وَالسُّنَّةُ كَثْرَةُ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِيهِ، وَالْمُدَارَسَةُ بِهِ، وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَقْرَأَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ.
وَيُسَنُّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ، لَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ لِطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَيَصُونُ الصَّائِمُ لِسَانَهُ عَنِ الْكَذِبِ وَالْغَيْبَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ وَنَحْوِهَا، وَيَكُفُّ نَفْسَهُ عَنِ الشَّهَوَاتِ، فَهُوَ سِرُّ الصَّوْمِ وَالْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ.
وَأَنْ يَتْرُكَ السِّوَاكَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَإِذَا اسْتَاكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، بِشَرْطِ أَنْ يَحْتَرِزَ عَنِ ابْتِلَاعِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ مِنْ رُطُوبَتِهِ.
وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ السِّوَاكُ بَعْدَ الزَّوَالِ فِي النَّفْلِ، لِيَكُونَ أَبْعَدَ مِنَ الرِّيَاءِ، قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَهُوَ شَاذٌّ.
وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ عَنِ الْجِمَاعِ، وَالِاحْتِلَامِ عَلَى الصُّبْحِ. وَلَوْ طَهُرَتِ الْحَائِضُ لَيْلًا، وَنَوَتِ الصَّوْمَ، ثُمَّ اغْتَسَلَتْ فِي النَّهَارِ، صَحَّ صَوْمُهَا.
وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ فِطْرِهِ: «اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ» وَأَنْ يُفْطِرَ الصَّائِمِينَ مَعَهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ عَشَائِهِمْ، أَعْطَاهُمْ مَا يُفْطِرُونَ بِهِ مِنْ شَرْبَةٍ أَوْ تَمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. وَيُسْتَحَبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute