وَأَمَّا يَوْمُ الشَّكِّ، فَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُ عَنْ رَمَضَانَ، وَيَجُوزُ صَوْمُهُ عَنْ قَضَاءٍ، أَوْ نَذْرٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ. وَيَجُوزُ إِذَا وَافَقَ وِرْدًا صَوْمُهُ تَطَوُّعًا بِلَا كَرَاهَةٍ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: يُكْرَهُ صَوْمُهُ عَمَّا عَلَيْهِ
[مِنْ] فَرْضٍ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: هَذَا خِلَافُ الْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُكْرَهْ فِيهِ مَا لَهُ سَبَبٌ مِنَ التَّطَوُّعِ، فَالْفَرْضُ أَوْلَى.
وَيَحْرُمُ أَنْ يَصُومَ فِيهِ تَطَوُّعًا لَا سَبَبَ لَهُ، فَإِنْ صَامَهُ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَهُ، فَفِي صِحَّةِ نَذْرِهِ هَذَانِ الْوَجْهَانِ.
فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَلْيَصُمْ يَوْمًا غَيْرَهُ، فَإِنْ صَامَهُ، خَرَجَ عَنْ نَذْرِهِ.
وَيَوْمُ الشَّكِّ هُوَ يَوْمُ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ، إِذَا وَقَعَ فِي الْأَلْسُنِ أَنَّهُ رُئِيَ وَلَمْ يَقُلْ عَدْلٌ: أَنَا رَأَيْتُهُ، أَوْ قَالَهُ، وَلَمْ يُقْبَلِ الْوَاحِدُ، أَوْ قَالَهُ عَدَدٌ مِنَ النِّسَاءِ أَوِ الْعَبِيدِ أَوِ الْفُسَّاقِ وَظُنَّ صِدْقُهُمْ.
وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ أَحَدٌ، فَلَيْسَ بِيَوْمِ شَكٍّ، سَوَاءً كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً، أَوْ طَبَقَ الْغَيْمُ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ.
وَفِي وَجْهٍ لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْبَافِيِّ - بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْفَاءِ - إِنْ كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ، فَهُوَ شَكٌّ. وَفِي وَجْهٍ لِأَبِي طَاهِرٍ: يَوْمُ الشَّكِّ: مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ الْجَائِزَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، فَإِنْ شَهِدَ عَبْدٌ، أَوْ صَبِيٌّ، أَوِ امْرَأَةٌ، فَقَدْ تَرَجَّحَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ، فَلَيْسَ بِشَكٍّ. وَلَوْ كَانَ فِي السَّمَاءِ قِطَعُ سَحَابٍ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى الْهِلَالُ مِنْ خَلَلِهَا، وَأَنْ يَخْفَى تَحْتَهَا وَلَمْ يُتَحَدَّثْ بِرُؤْيَتِهِ.
فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: هُوَ يَوْمُ شَكٍّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ بِشَكٍّ. وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ يَسْتَقِلُّ أَهْلُهُ بِطَلَبِ الْهِلَالِ، فَلَيْسَ بِشَكٍّ، وَإِنْ كَانُوا فِي سَفَرٍ، وَلَمْ تَبْعُدْ رُؤْيَةُ أَهْلِ الْقُرَى، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْعَلَ يَوْمَ الشَّكِّ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: لَيْسَ بِشَكٍّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute