جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ، وَمَنَعَهُ الْإِصْطَخْرِيُّ لِتَفْرِيقِ الْفَرْضِ، كَمَا لَوْ فَرَّقَهُ فِي الْمِائَتَيْنِ. قَالَ الْجُمْهُورُ: كُلُّ مِائَتَيْنِ أَصْلٌ مُنْفَرِدٌ، فَهُوَ كَكَفَّارَتَيْنِ، يُطْعِمُ فِي إِحْدَاهِمَا، وَيَكْسُو فِي الْأُخْرَى. وَأَمَّا الْمِائَتَانِ، فَالتَّفْرِيقُ فِيهِمَا كَالتَّفْرِيقِ فِي الْكَفَّارَةِ الْوَاحِدَةِ، عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ فِي الْمِائَتَيْنِ لَيْسَ هُوَ مُجَرَّدُ التَّفْرِيقِ، بَلِ الْمَانِعُ التَّشْقِيصُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ حِقَّتَيْنِ وَثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ أَوْ أَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةً، جَازَ. وَيَجْرِي هَذَا الْخِلَافُ مَتَى بَلَغَ الْمَالُ مَا يُخْرَجُ مِنْهُ بَنَاتُ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقُ بِلَا تَشْقِيصٍ.
فَإِنْ قِيلَ: ذَكَرْتُمْ أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ الْأَغْبَطَ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَغْبَطُ الصِّنْفَيْنِ هُوَ الْمُخْرَجَ، فَكَيْفَ يُخْرِجُ الْبَعْضَ مِنْ هَذَا وَالْبَعْضَ مِنْ ذَاكَ؟
فَالْجَوَابُ مَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ. قَالَ: يَجُوزُ أَنَّ لَهُمْ حَظًّا وَمَصْلَحَةً فِي اجْتِمَاعِ النَّوْعَيْنِ وَفِي هَذَا أَنَّ جِهَةَ الْغِبْطَةِ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِي زِيَادَةِ الْقِيمَةِ، لَكِنْ إِذَا كَانَ التَّفَاوُتُ لَا مِنْ جِهَةِ الْقِيمَةِ، يَتَعَذَّرُ إِخْرَاجُ قَدْرِ التَّفَاوُتِ.
فَصْلٌ
مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، جَازَ أَنْ يُخْرِجَ بِنْتَ لَبُونٍ وَيَأْخُذَ مِنَ السَّاعِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بِنْتُ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، جَازَ أَنْ يُخْرِجَ حِقَّةً وَيَأْخُذَ مَا ذَكَرْنَا، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، جَازَ أَنْ يُخْرِجَ جَذَعَةً، وَيَأْخُذَ مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ جَذَعَةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، جَازَ أَنْ يُخْرِجَ حِقَّةً مَعَ شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا. وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حِقَّةٌ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَازَ أَنْ يُخْرِجَ بِنْتَ لَبُونٍ مَعَ مَا ذَكَرْنَا. وَلَوْ وَجَبَتْ بِنْتُ لَبُونٍ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ، جَازَ أَنْ يُخْرِجَ بِنْتَ مَخَاضٍ مَعَ مَا ذَكَرْنَا. ثُمَّ صِفَةُ شَاةِ الْجُبْرَانِ هَذِهِ، صِفَةُ الشَّاةِ الْمُخْرَجَةِ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ. وَفِي اشْتِرَاطِ الْأُنُوثَةِ إِذَا كَانَ الْمَالِكُ هُوَ الْمُعْطِي الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِي تِلْكَ الشَّاةِ، وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي يُخْرِجُهَا هِيَ النُّقْرَةُ. قَالَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute