الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الْوَصِيَّةِ
يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنِ الْوَصِيَّةِ وَعَنْ بَعْضِهَا، كَمَنْ أَوْصَى بِعَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ نِصْفِهِ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِي كُلِّ تَبَرُّعٍ مُعَلَّقٍ بِالْمَوْتِ، كَقَوْلِهِ: إِذَا مِتُّ فَلِفُلَانٍ كَذَا، أَوْ فَادْفَعُوا إِلَيْهِ، أَوْ فَأَعْتِقُوا عَبْدِي، أَوْ فَهُوَ وَقْفٌ.
وَفِي الرُّجُوعِ عَنِ التَّدْبِيرِ صَرِيحًا خِلَافٌ، يُذْكَرُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنِ التَّبَرُّعَاتِ الْمُنْجَزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ.
فَصْلٌ
يَحْصُلُ الرُّجُوعُ بِطُرُقٍ: مِنْهَا أَنْ يَقُولَ: نَقَضْتُ وَصِيَّتِي، أَوْ أَبْطَلْتُهَا، أَوْ رَدَدْتُهَا، أَوْ رَفَعْتُهَا، أَوْ فَسَخْتُهَا، أَوْ رَجَعْتُ عَنْهَا. وَلَوْ سُئِلَ عَنِ الْوَصِيَّةِ فَأَنْكَرَهَا، فَهُوَ رُجُوعٌ. وَلَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ حَرَامٌ عَلَى الْمُوصَى لَهُ، فَرُجُوعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا لِوَارِثِي بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ هُوَ مِيرَاثٌ عَنِّي، فَرُجُوعٌ. وَلَوْ قَالَ: هُوَ تَرِكَتِي، فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَمِنْهَا: إِزَالَةُ الْمِلْكِ عَنِ الْمُوصَى بِهِ بِبَيْعٍ أَوْ إِعْتَاقٍ، أَوْ صَدَاقٍ، أَوْ جَعْلِهِ أُجْرَةً، أَوْ عِوَضِ خُلْعٍ، فَهُوَ رُجُوعٌ. وَالْهِبَةُ مَعَ الْإِقْبَاضِ رُجُوعٌ، وَدُونَهُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالرَّهْنُ كَالْهِبَةِ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِرُجُوعٍ، لِأَنَّهُ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ، فَأَشْبَهَ الِاسْتِخْدَامَ. وَالْكِتَابَةُ رُجُوعٌ، وَالتَّدْبِيرُ رُجُوعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: إِنْ جَعَلْنَاهُ وَصِيَّةً، فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو، فَيَكُونُ نِصْفُهُ مُدَبَّرًا.
وَلَوْ أَوْصَى بِالْبَيْعِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ رُجُوعٌ، فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ رُجُوعٌ، وَقِيلَ: هُوَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو. وَذَكَرَ صَاحِبُ: ((الْمُعْتَمَدِ))
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute