فَصْلٌ
فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ
يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، لِدُخُولِ النِّيَابَةِ فِيهِ كَالزَّكَاةِ. وَيَجُوزُ بِالرِّزْقِ، كَمَا يَجُوزُ بِالْإِجَارَةِ. وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ: حُجَّ عَنِّي وَأُعْطِيكَ نَفَقَتَكَ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ بِالنَّفَقَةِ، لَمْ تَصِحَّ، لِجَهَالَتِهَا.
فَرْعٌ
الِاسْتِئْجَارُ فِي جَمِيعِ الْأَعْمَالِ ضَرْبَانِ. اسْتِئْجَارُ عَيْنِ الشَّخْصِ، وَإِلْزَامُ ذِمَّتِهِ الْعَمَلَ. مِثَالُ الْأَوَّلِ مِنَ الْحَجِّ، أَنْ يَقُولَ الْمَعْضُوبُ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَحُجَّ عَنِّي، أَوْ يَقُولَ الْوَارِثُ: لِتَحُجَّ عَنْ مَيِّتِي. وَلَوْ قَالَ: لِتَحُجَّ بِنَفْسِكَ، كَانَ تَأْكِيدًا. وَمِثَالُ الثَّانِي: أَلْزَمْتُ ذِمَّتَكَ تَحْصِيلَ الْحَجِّ. وَيَفْتَرِقُ الضَّرْبَانِ، فِي أُمُورٍ سَتَرَاهَا إِنْ شَاءَ تَعَالَى.
ثُمَّ لِصِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ شُرُوطٌ. وَلَهُ آثَارٌ وَأَحْكَامٌ، مَوْضِعُهَا كِتَابُ الْإِجَارَةِ وَالَّذِي نَذْكُرُ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِخُصُوصِ الْحَجِّ. فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ ضَرْبَيِ الْإِجَارَةِ، قَدْ يُعَيَّنُ فِيهِ زَمَنُ الْعَمَلِ، وَقَدْ لَا يُعَيَّنُ. وَإِذَا عُيِّنَ، فَقَدْ يُعَيَّنُ السَّنَةُ الْأُولَى، وَقَدْ يُعَيَّنُ غَيْرُهَا، فَأَمَّا فِي إِجَارَةِ الْعَيْنِ، فَإِنْ عَيَّنَا السَّنَةَ الْأُولَى، جَازَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ وَالْحَجُّ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا مَقْدُورًا لِلْأَجِيرِ. فَلَوْ كَانَ مَرِيضًا لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ، أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مُخَوِّفًا، أَوْ كَانَتِ الْمَسَافَةُ بِحَيْثُ لَا تَنْقَطِعُ فِي بَقِيَّةِ السَّنَةِ، لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ، لِلْعَجْزِ عَنِ الْمَنْفَعَةِ. وَإِنْ عَيَّنَا غَيْرَ السَّنَةِ الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute