أَوَّلًا، قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ لِلْأَوَّلِ، وَيَأْخُذُ الثَّانِي دِيَةَ الْيَدِ، وَإِنْ شَاءَ، قَطَعَ مَا بَقِيَ مِنْ يَدِ الْجَانِي، وَأَخَذَ دِيَةَ الْأُصْبُعُ، وَإِنْ وَقَعَ الْقَطْعَانِ مَعًا، أُقْرِعَ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مَكَانَهُ يُقَدَّمُ قَطْعُهُ.
فَصْلٌ
لَيْسَ لِمُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ اسْتِيفَاؤُهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَمَنْصُورٍ التَّمِيمِيِّ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَسْتَقِلُّ بِالِاسْتِيفَاءِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
وَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْأَوَّلُ، وَسَوَاءٌ فِيهِ قِصَاصُ النَّفْسِ وَالطَّرَفِ، وَإِذَا اسْتَقَلَّ بِهِ عُزِّرَ، لَكِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ، وَيَقَعُ عَنِ الْقِصَاصِ، وَلَوِ اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِاسْتِيفَاءِ حَدِّ الْقَذْفِ بِإِذْنِ الْقَاذِفِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَجْهَانِ.
فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُعْتَدُّ بِهِ، تُرِكَ حَتَّى يَبْرَأَ ثُمَّ يُحَدُّ، وَلَوْ مَاتَ مِنْهُ، وَجَبَ الْقِصَاصُ إِنْ جَلَدَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، فَلَا قِصَاصَ.
وَفِي الدِّيَةِ خِلَافٌ، كَمَا لَوْ قَتَلَهُ بِإِذْنِهِ، ثُمَّ إِذَا طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرَهُ أَهْلًا لَهُ كَالشَّيْخِ وَالزَّمِنِ وَالْمَرْأَةِ، لَمْ يُجِبْهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ، وَإِنْ رَآهُ أَهْلًا لَهُ، فَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ قِصَاصَ النَّفْسِ، وَالطَّالِبُ الْوَلِيَّ، فَوَّضَهُ إِلَيْهِ بِخِلَافِ الْجَلْدِ فِي الْقَذْفِ لَا يُفَوَّضُ إِلَى الْمَقْذُوفِ، لِأَنَّ تَفْوِيتَ النَّفْسِ مَضْبُوطٌ، وَالْجَلَدَاتُ يَخْتَلِفُ مَوْقِعُهَا.
وَالتَّعْزِيرُ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَإِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ قِصَاصَ الطَّرَفِ، وَالطَّالِبُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُفَوِّضُهُ إِلَيْهِ كَالنَّفْسِ، لِأَنَّ إِبَانَةَ الطَّرَفِ مَضْبُوطَةٌ، وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُرَدِّدَ الْحَدِيدَةَ، وَيَزِيدَ فِي الْإِيلَامِ.
فَرْعٌ.
يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحْضِرَ الِاقْتِصَاصَ عَدْلَيْنِ مُتَيَقِّظَيْنِ، لِيَشْهَدَا إِنْ أَنْكَرَ الْمُقْتَصُّ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ إِنْ كَانَ التَّرَافُعُ إِلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute