فَرْعٌ
بَاعَ شَجَرَةً عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ، وَهِيَ مِمَّا تُثْمِرُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ، وَيَغْلُبُ تَلَاحُقُهَا، لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إِلَّا بِشَرْطِ قَطْعِ الْبَائِعِ ثَمَرَتَهُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ، وَيَجِيءُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِيمَا إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ هُوَ الثَّمَرَةَ. ثُمَّ إِذَا تَبَايَعَ بِهَذَا الشَّرْطِ، فَلَمْ يَتَّفِقِ الْقَطْعُ حَتَّى اخْتَلَطَا، أَوْ كَانَتِ الشَّجَرَةُ مِمَّا يَنْدُرُ فِيهَا التَّلَاحُقُ وَالِاخْتِلَاطُ، فَاتَّفَقَ وُقُوعُهُ، فَطَرِيقَانِ. قَالَ الْأَكْثَرُونَ: فِي الِانْفِسَاخِ الْقَوْلَانِ. وَقِيلَ: لَا انْفِسَاخَ قَطْعًا. فَإِنْ قُلْنَا: لَا انْفِسَاخَ، فَسَمَحَ الْبَائِعُ بِتَرْكِ الثَّمَرَةِ الْقَدِيمَةِ، أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبُولِ. وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ، أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى الْقَبُولِ وَأُقِرَّ الْعَقْدُ. وَيُحْتَمَلُ خِلَافٌ فِي الْإِجْبَارِ، فَإِنِ اسْتَمَرَّا عَلَى النِّزَاعِ، فَالْمُثْبِتُونَ لِلْقَوْلَيْنِ قَالُوا: يُفْسَخُ الْعَقْدُ. وَالْقَاطِعُونَ قَالُوا: لَا فَسْخَ، بَلْ أَيُّهُمَا كَانَتِ الثَّمَرَةُ وَالشَّجَرَةُ فِي يَدِهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ الْآخَرُ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ ; لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ، لِبَقَاءِ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ لِلْمُشْتَرِي. وَإِنْ قُلْنَا بِالِانْفِسَاخِ، اسْتَرَدَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَرَدَّ الشَّجَرَةَ مَعَ جَمِيعِ الثِّمَارِ، قَالَهُ فِي «التَّتِمَّةِ» .
بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ
الْعَبْدُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَغَيْرِهِ. الْأَوَّلُ: الْمَأْذُونُ لَهُ، فَيَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِهِ فِي التِّجَارَةِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ، كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِالْإِجْمَاعِ. وَيَسْتَفِيدُ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ كُلُّ مَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ اسْمِهَا، وَمَا كَانَ مِنْ لَوَازِمِهَا وَتَوَابِعِهَا، كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute