تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ يَصُومُ عَنِ الْمَيِّتِ وَلَيُّهُ؟ الظَّاهِرُ: جَوَازُهُ؛ لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ مِنْهُ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ عُذْرٌ يَجُوزُ تَرْكُ الصَّوْمِ لَهُ، وَيُتَصَوَّرُ تَكَلُّفُ الْقَضَاءِ مِنْهُ، وَقَدْ يُسْتَفَادُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ: أَنَّهُ إِذَا سَافَرَ، قَضَى مَا أَفْطَرَ فِيهِ مُتَعَدِّيًا، وَيَنْسَاقُ النَّظَرُ إِلَى أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَافِرَ لِيَقْضِيَ؟
فَصْلٌ
لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْعِيدِ، لَمْ يَنْعَقِدْ، كَمَا لَوْ نَذَرَتْ صَوْمَ يَوْمِ الْحَيْضِ. وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَإِذَا جَوَّزْنَا عَلَى وَجْهِ صَوْمِهَا لِغَيْرِ الْمُتَمَتِّعِ، فَفِي انْعِقَادِهَا وَجْهَانِ، كَنَذْرِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ. وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، وَلَا الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ.
النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْمُلْتَزَمَاتِ: الْحَجُّ، وَالْعُمْرَةُ.
الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ، يَلْزَمَانِ بِالنَّذْرِ، فَإِذَا نَذَرَهُمَا مَاشِيًا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، أَمْ لَهُ الرُّكُوبُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ مَاشِيًا أَفْضَلُ، أَمْ رَاكِبًا؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَظْهَرُهَا: الْمَشْيُ أَفْضَلُ. وَالثَّانِي: الرُّكُوبُ أَفْضَلُ. وَالثَّالِثُ: هُمَا سَوَاءٌ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: هُمَا سَوَاءٌ مَا لَمْ يُحْرِمْ. فَإِذَا أَحْرَمَ، فَالْمَشْيُ أَفْضَلُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: مَنْ سَهُلَ عَلَيْهِ الْمَشْيُ، فَهُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ، وَمَنْ ضَعُفَ وَسَاءَ خُلُقُهُ لَوْ مَشَى، فَالرُّكُوبُ أَفْضَلُ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ: أَنَّ الرُّكُوبَ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ الْأَظْهَرُ لُزُومَ الْمَشْيِ بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قُلْنَا الْمَشْيُ أَفْضَلُ لَزِمَهُ النَّذْرُ وَإِنْ قُلْنَا الرُّكُوبُ، أَوْ سَوَّيْنَا، لَمْ يَلْزَمْهُ الْمَشْيُ بِالنَّذْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute