للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيَتَفَرَّعُ عَلَى لُزُومِ الْمَشْيِ مَسَائِلُ:

إِحْدَاهَا: لَوْ صَرَّحَ بِابْتِدَاءِ الْمَشْيِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ إِلَى الْفَرَاغِ، هَلْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، فَلَوْ أَطْلَقَ الْحَجَّ مَاشِيًا، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِهِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَلْزَمُهُ مِنْ وَقْتِ الْإِحْرَامِ، سَوَاءٌ أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ أَوْ قَبْلَهُ، وَبِهَذَا قَطَعَ جَمَاعَةٌ. وَبَنَى صَاحِبُ التَّتِمَّةِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَيْنَ يَلْزَمُهُ الْإِحْرَامُ؟ فَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ. وَعَنْ غَيْرِهِ: مِنَ الْمِيقَاتِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَمْشِي مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ. وَعَلَى الثَّانِي: مِنَ الْمِيقَاتِ. وَلَوْ قَالَ: أَمْشِي حَاجًّا، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: أَحُجُّ مَاشِيًا. وَمُقْتَضَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، اقْتِرَانُ الْحَجِّ وَالْمَشْيِ. وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّ قَوْلَهُ: أَمْشِي حَاجًّا، يَقْتَضِي أَنْ يَمْشِيَ مِنْ مَخْرَجِهِ إِلَى الْحَجِّ.

الثَّانِيَةُ: فِي نِهَايَةِ الْمَشْيِ طَرِيقَانِ. الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ حَتَّى يَتَحَلَّلَ التَّحَلُّلَيْنِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، وَلَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَ التَّحَلُّلَيْنِ وَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ أَيَّامَ مِنَى. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ.

أَحَدُهُمَا: هَذَا. وَالثَّانِي: لَهُ الرُّكُوبُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا الْعُمْرَةُ، فَلَيْسَ لَهَا إِلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ، فَيَمْشِي حَتَّى يَفْرَغَ مِنْهَا. وَالْقِيَاسُ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَتَرَدَّدُ فِي خِلَالِ أَعْمَالِ النُّسُكِ لِغَرَضِ تِجَارَةٍ وَغَيْرِهَا، فَلَهُ أَنْ يَرْكَبَ، وَلَمْ يَذْكُرُوهُ.

الثَّالِثَةُ: لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ مَاشِيًا. وَإِذَا تَحَلَّلَ فِي سَنَةِ الْفَوَاتِ بِأَعْمَالِ عُمْرَةٍ، هَلْ يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ فِي تِلْكَ الْأَعْمَالِ؟ قَوْلَانِ: أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِالْفَوَاتِ عَنْ أَنْ يُجْزِئَهُ عَنْ نَذْرِهِ. وَلَوْ فَسَدَ الْحَجُّ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ، فَهَلْ يَجِبُ الْمَشْيُ فِي الْمُضِيِّ فِي فَاسِدِهِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ.

الرَّابِعَةُ: لَوْ تَرَكَ الْمَشْيَ بِعُذْرٍ، بِأَنْ عَجَزَ، فَحَجَّ رَاكِبًا، وَقَعَ حَجُّهُ عَنِ النَّذْرِ. وَهَلْ عَلَيْهِ جَبْرُ الْمَشْيِ الْفَائِتِ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ؟ قَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا: لَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>