للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ قَائِمًا، فَعَجَزَ، صَلَّى قَاعِدًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَأَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. فَعَلَى هَذَا، يَلْزَمُهُ شَاةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَفِي قَوْلٍ: بَدَنَةٌ، وَإِنْ تَرَكَ الْمَشْيَ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَحَجَّ رَاكِبًا، فَقَدْ أَسَاءَ. وَفِيهِ قَوْلَانِ. الْقَدِيمُ: لَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ حَجِّهِ، بَلْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى صِفَتِهِ الْمُلْتَزَمَةِ.

وَالْأَظْهَرُ: أَنَّهُ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ. فَعَلَى هَذَا، هَلْ يَلْزَمُهُ الدَّمُ؟ قَوْلَانِ، أَوْ وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: نَعَمْ. وَهَلْ هُوَ شَاةٌ، أَمْ بَدَنَةٌ؟ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ.

فَرْعٌ:

مَنْ نَذَرَ حَجًّا، اسْتُحِبَّ أَنْ يُبَادِرَ إِلَيْهِ فِي أَوَّلِ سِنِي الْإِمْكَانِ. فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ، أُحِجَّ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ؟ وَإِنْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ سَنَةً، تَعَيَّنَتْ عَلَى الصَّحِيحِ كَالصَّوْمِ، فَلَوْ حَجَّ قَبْلَهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ. وَلَوْ قَالَ: أَحُجُّ فِي عَامِي هَذَا، وَهُوَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْكِنُ الْحَجُّ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْعَامِ، لَزِمَهُ الْوَفَاءُ تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ الْإِمْكَانِ، صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ يَقْضِيهِ بِنَفْسِهِ. فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَقْضِ، أُحِجَّ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : إِنْ كَانَ مَرِيضًا وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الْخُرُوجِ مَعَهُمْ، أَوْ لَمْ يَجِدْ رُفْقَةً، وَكَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا لَا يَتَأَتَّى لِلْآحَادِ سُلُوكُهُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْذُورَ حَجٌّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَا تَسْتَقِرُّ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَلَوْ صَدَّهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ حَتَّى مَضَى الْعَامُ، قَالَ الْإِمَامُ: إِذَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِلْعَدُوِّ، فَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ لَا قَضَاءَ. وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ قَوْلًا: أَنَّهُ يَجِبُ، وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيُّ. كَمَا لَوْ قَالَ: أَصُومُ غَدًا، فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى مَضَى الْغَدُ، يَجِبُ الْقَضَاءُ. وَالْمَذْهَبُ: الْأَوَّلُ. وَلَوْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ وَحْدَهُ، أَوْ مَنَعَهُ رَبُّ الدَّيْنِ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَائِهِ، لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>