عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَوْ مَنَعَهُ الْمَرَضُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ، فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَلَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الصَّدِّ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالصَّدِّ وَلَا يَتَحَلَّلُ بِالْمَرَضِ. وَحَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْأَصْحَابِ، تَخْرِيجَهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّدِّ، وَكَذَلِكَ حَكَى الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا امْتَنَعَ الْحَجُّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ بَعْدَ الِاسْتِطَاعَةِ. وَإِذَا رَأَيْتَ كُتُبَ الْأَصْحَابِ، وَجَدْتَهَا مُتَّفِقَةً عَلَى أَنَّ الْحَجَّةَ الْمَنْذُورَةَ فِي ذَلِكَ، كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، إِنِ اجْتَمَعَتْ فِي الْعَامِ الَّذِي عَيَّنَهُ شَرَائِطُ فَرْضِ الْحَجِّ، وَجَبَ الْوَفَاءُ وَاسْتَقَرَّ فِي الذِّمَّةِ، وَإِلَّا، فَلَا. وَالنِّسْيَانُ وَخَطَأُ الطَّرِيقِ وَالضَّلَالُ فِيهِ، كَالْمَرَضِ. وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ مَعْضُوبًا وَقْتَ النَّذْرِ، أَوْ طَرَأَ الْعَضْبُ وَلَمْ يَجِدِ الْمَالَ حَتَّى مَضَتِ السَّنَةُ الْمُعَيَّنَةُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً، أَوْ صَوْمًا أَوِ اعْتِكَافًا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ، فَمَنَعَهُ عَمَّا نَذَرَ عَدُوٌّ أَوْ سُلْطَانٌ، لَزِمَهُ الْقَضَاءُ، بِخِلَافِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالنَّذْرِ، كَالْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ، وَقَدْ يَجِبُ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ مَعَ الْعَجْزِ، فَلَزِمَا بِالنَّذْرِ. وَالْحَجُّ لَا يَجِبُ إِلَّا بِالِاسْتِطَاعَةِ.
فَرْعٌ:
إِذَا نَذَرَ حَجَّاتٍ كَثِيرَةً، انْعَقَدَ نَذْرُهُ، وَيَأْتِي بِهِنَّ عَلَى تَوَالِي السِّنِينَ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ. فَإِنْ أَخَّرَ، اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّتِهِ مَا أَخَّرَهُ. فَإِذَا نَذَرَ عَشْرَ حَجَّاتٍ، وَمَاتَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ أَمْكَنَهُ الْحَجُّ فِيهِنَّ، قُضِيَ مِنْ مَالِهِ خَمْسُ حَجَّاتٍ. وَلَوْ نَذَرَهَا الْمَعْضُوبُ، وَمَاتَ بَعْدَ سَنَةٍ وَكَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ الْحِجَجَ الْعَشْرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، قُضِيَتْ مِنْ مَالِهِ. وَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُهُ إِلَّا بِحَجَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، لَمْ يَسْتَقِرَّ إِلَّا الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute