كِتَابُ الْإِقْرَارِ
هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَبْوَابٍ.
الْأَوَّلُ: فِي أَرْكَانِهِ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ.
الْأَوَّلُ: الْمُقِرُّ، وَهُوَ مُطْلَقٌ، وَمَحْجُورٌ عَلَيْهِ. فَالْمُطْلَقُ، يَصِحُّ إِقْرَارُهُ. قَالَ الْغَزَالِيُّ: يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَى إِنْشَائِهِ، وَهَذَا الضَّبْطُ تُسْتَثْنَى مِنْهُ صُوَرًا. مِنْهَا: لَوْ قَالَ الْوَكِيلُ: تَصَرَّفْتُ كَمَا أَذِنْتَ، فَقَالَ الْمُوَكِّلُ: لَمْ تَتَصَرَّفْ، لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُ الْوَكِيلِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِنْشَاءِ. وَكَذَا لَوْ قَالَ: اسْتَوْفَيْتُ مَا أَمَرْتَنِي بِاسْتِيفَائِهِ، وَنَازَعَهُ كَمَا سَبَقَ. وَمِنْهَا: إِنْشَاءُ نِكَاحِ الثَّيِّبِ إِلَى وَلِيِّهَا، فَإِقْرَارُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُزَادَ فِي الضَّبْطِ فَيُقَالَ: يَنْفُذُ إِقْرَارُهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ الَّتِي يَسْتَقِلُّ بِإِنْشَائِهَا. أَوْ يُقَالُ: مَا يَقْدِرُ عَلَى إِنْشَائِهِ، يُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِمُوجَبِ إِقْرَارِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ نُفُوذُهُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ، فَتَخْرُجُ عَنْهُ الْمَسَائِلُ. وَأَمَّا الْمَحْجُورُ، فَقَدْ ذَكَرْنَا أَقْسَامَهُ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ. فَمِنْهُ الصَّبِيُّ، وَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، لَكِنْ يَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِالْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ إِذَا صَحَّحْنَاهُمَا مِنْهُ. وَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ بِالِاحْتِلَامِ، أَوِ ادَّعَتْ أَنَّهَا بَلَغَتْ بِالْحَيْضِ فِي وَقْتِ إِمْكَانِهِمَا صُدِّقَا. فَإِنْ فُرِضَ ذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ، لَمْ يَحْلِفَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا، فَأَشْبَهَ إِذَا عَلَّقَ الْعِتْقَ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهِ فَقَالَ: شِئْتَ، صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ، هَكَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ، وَالْإِمَامُ، وَالْغَزَالِيُّ.
قَالَ الْإِمَامُ: فَلَوْ بَلَغَ مَبْلَغًا يَتَيَقَّنُ بُلُوغَهُ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَالِغًا، لِأَنَّا إِذَا حَكَمْنَا بِمُقْتَضَى قَوْلِهِ، فَقَدْ أَنْهَيْنَا الْخُصُومَةَ مُنْتَهَاهَا، فَلَا عَوْدَ إِلَى التَّحْلِيفِ. وَفِي «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ إِذَا جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْغُزَاةِ يَطْلُبُ سَهْمَ الْمُقَاتِلَةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ احْتَلَمَ، حَلَفَ وَأَخَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute