فَصْلٌ
الثَّوْبُ الْمُعَيَّنُ لِلْخِيَاطَةِ، إِذَا تَلِفَ، فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ خِلَافٌ سَبَقَ. الْأَصَحُّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَجَمَاعَةٍ: لَا يَنْفَسِخُ، وَعَنِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ: أَنَّهُ يَنْفَسِخُ لِتَعَلُّقِهِ بِذَلِكَ الثَّوْبِ، وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَفِيمَا إِذَا اكْتَرَى دَوَابَّ فِي الذِّمَّةِ لِحَمْلِ خَمْسَةِ أَعْبُدٍ مُعَيَّنِينَ، فَمَاتَ اثْنَانِ مِنْهُمْ وَحُمِلَ ثَلَاثَةٌ، فَقَالَ: لَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الْكِرَاءِ وَسَقَطَ خُمُسَاهُ، وَالصُّورَةُ فِيمَا إِذَا تَسَاوَتْ أَوْزَانُهُمْ، وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ قَالَ: إِذَا نَكَحَهَا عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ فَتَلِفَ قَبْلَ الْخِيَاطَةِ، لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَالْخِلَافُ فِيمَا إِذَا أَلْزَمَ ذِمَّتَهُ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ عَبْدٍ، فَإِنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، فَمُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ الثَّوْبِ وَالْمَتَاعِ.
أَمَّا إِذَا اسْتَأْجَرَ دَابَّةً بِعَيْنِهَا مُدَّةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ، فَهَلَكَا، فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، بَلْ يَجُوزُ إِبْدَالُ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ بِلَا خِلَافٍ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَنْفَسِخُ، فَأَتَى بِثَوْبٍ مِثْلِهِ، فَذَاكَ. وَإِنْ لَمْ يَأْتِ لِعَجْزِهِ، أَوِ امْتَنَعَ مَعَ الْقُدْرَةِ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إِمْكَانِ الْعَمَلِ، فَفِي اسْتِقْرَارِ الْأُجْرَةِ وَجْهَانِ.
قُلْتُ: أَصَحُّهُمَا: لَا تَسْتَقِرُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَإِنْ قُلْنَا: تَسْتَقِرُّ، فَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى الْأَصَحِّ، لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَجِدُ ثَوْبًا آخَرَ، أَوْ لَا يُرِيدُ قَطْعَهُ.
فَرْعٌ
مَوْتُ الصَّبِيِّ الْمُعَيَّنِ لِلتَّعْلِيمِ، كَتَلَفِ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ لِلْخِيَاطَةِ، وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمُعَيَّنُ لِلْإِرْضَاعِ إِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدَ الْمُرْضِعَةِ. فَإِنْ كَانَ وَلَدَهَا، فَخِلَافٌ مُرَتَّبٌ، وَأَوْلَى بِالِانْفِسَاخِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute