للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَابُ الْقَرْضِ

هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ. وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ. الْعَاقِدَانِ، وَالصِّيغَةُ، وَالشَّيْءُ الْمُقْرَضُ، فَلَا يَصِحُّ إِلَّا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ. وَأَمَّا الصِّيغَةُ، فَالْإِيجَابُ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَقْرَضْتُكَ، أَوْ أَسَلَّفْتُكَ، أَوْ خُذْهُ هَذَا بِمِثْلِهِ، أَوْ خُذْ هَذَا وَاصْرِفْهُ فِي حَوَائِجِكَ وَرَدَّ بَدَلَهُ، أَوْ مَلَّكْتُكَ عَلَى أَنْ تَرُدَّ بَدَلَهُ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى «مَلَّكْتُكَهُ» فَهُوَ هِبَةٌ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخِذِ.

قُلْتُ: وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الدَّافِعِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ. وَفِي «التَّتِمَّةِ» وَجْهٌ: أَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى «مَلَّكْتُكَهُ» قَرْضٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْقَبُولُ، فَشَرْطٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ. وَادَّعَى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ أَصَحُّ.

قُلْتُ: وَقَطَعَ صَاحِبُ «التَّتِمَّةِ» بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ، وَلَا الْقَبُولُ، بَلْ إِذَا قَالَ لِرَجُلٍ: أَقْرِضْنِي كَذَا، أَوْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ رَسُولًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَالَ، صَحَّ الْقَرْضُ. وَكَذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَقْرَضْتُكَ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، وَسَلَّمَهَا إِلَيْهِ، ثَبَتَ الْقَرْضُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الشَّيْءُ الْمُقْرَضُ، فَالْمَالُ ضَرْبَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، فَيَجُوزُ إِقْرَاضُهُ حَيَوَانًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ. لَكِنْ إِنْ كَانَ جَارِيَةً، نُظِرَ، إِنْ كَانَتْ مُحَرَّمًا لِلْمُسْتَقْرِضِ، بِنَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ، جَازَ إِقْرَاضُهَا قَطْعًا. وَإِنْ كَانَتْ حَلَالًا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَظْهَرِ الْمَنْصُوصِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>