فَرْعٌ
لِلْعَبْدِ إِجَارَةُ نَفْسِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَهُ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوِ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ لِغَيْرِهِ بِالْوَكَالَةِ بِغَيْرِ إِذَنِ السَّيِّدِ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِالْوَكِيلِ.
فَصْلٌ
لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ بِتَمْلِيكِ غَيْرِ سَيِّدِهِ. وَفِي مِلْكِهِ بِتَمْلِيكِ سَيِّدِهِ، قَوْلَانِ. الْأَظْهَرُ الْجَدِيدُ: لَا يَمْلِكُ. فَعَلَى الْقَدِيمِ: لِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ، وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ التَّصَرُّفُ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. فَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ، فَمَلَّكَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، فَالْحُكْمُ لِلتَّمْلِيكِ الثَّانِي، وَهُوَ رُجُوعٌ عَنِ الْأَوَّلِ. فَإِنْ وَقَعَا مَعًا مِنْ وَكِيلَيْنِ، تَدَافَعَا. فَإِنْ مَلَّكَهُ جَارِيَةً، وَقُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَهَلْ لِلْعَبْدِ وَطْؤُهَا؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. الصَّحِيحُ: يَجُوزُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهِ. وَالثَّانِي: يَجُوزُ مُطْلَقًا. وَالثَّالِثُ: يَحْرُمُ مُطْلَقًا، لِضَعْفِ مِلْكِهِ.
قُلْتُ: قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : لَوْ أَوْلَدَهَا، فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْعَبْدِ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، لِنُقْصَانِ مِلْكِهِ. فَإِذَا عَتَقَ، عَتَقَ الْوَلَدُ. قَالَ: وَالْمُدَبَّرُ، وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ عَلَى صِفَةٍ، كَالْقَنِّ، فَلَا يَحِلُّ لَهُمُ الْوَطْءُ عَلَى الْجَدِيدِ وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ فِيهِ. وَفِي حِلِّهِ عَلَى الْقَدِيمِ مَا ذَكَرْنَا. وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ، إِذَا مَلَكَ بِحُرِّيَّتِهِ مَالًا، فَاشْتَرَى جَارِيَةً، مَلَكَهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا عَلَى الْجَدِيدِ، وَيَحِلُّ فِي الْقَدِيمِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَلَا يَحِلُّ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ; لِأَنَّ بَعْضَهُ مَمْلُوكٌ، فَلَمْ يَصِحَّ التَّسَرِّي. وَلَا يَحِلُّ لِلْمُكَاتَبِ التَّسَرِّي بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ، وَبِإِذْنِهِ قَوْلَانِ، كَتَبَرُّعِهِ. وَقِيلَ: إِنْ حَرَّمْنَا التَّسَرِّيَ عَلَى الْعَبْدِ، فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute