الثَّانِيَةُ: فِي افْتِقَارِ هَذَا الْفَسْخِ إِلَى إِذْنِ الْحَاكِمِ، وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَفْتَقِرُ، لِثُبُوتِ الْحَدِيثِ فِيهِ، كَخِيَارِ الْعِتْقِ. وَلِوُضُوحِ الْحَدِيثِ، قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِمَنْعِ الْفَسْخِ، نَقَضْنَا حُكْمَهُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنْ لَا يُنْقَضَ، لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّالِثَةُ: لَا يَحْصُلُ هَذَا الْفَسْخُ بِبَيْعِ الْبَائِعِ، وَإِعْتَاقِهِ، وَوَطْئِهِ الْمَبِيعَةَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَتَلْغُو هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ.
الرَّابِعَةُ: صِيغَةُ الْفَسْخِ، كَقَوْلِهِ: فَسَخْتُ الْبَيْعَ، أَوْ نَقَضْتُهُ، أَوْ رَفَعْتُهُ، فَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى رَدَدْتُ الثَّمَنَ، أَوْ فَسَخْتُ الْبَيْعَ فِيهِ، حَصَلَ الْفَسْخُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَوَجْهُ الْمَنْعِ: أَنَّ مُقْتَضَى الْفَسْخِ، إِضَافَتُهُ إِلَى الْعَقْدِ الْمُطْلَقِ.
فَصْلٌ
حَقُّ الرُّجُوعِ، إِنَّمَا يَثْبُتُ بِشُرُوطٍ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْمَبِيعِ، بَلْ يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنَ الْمُعَاوَضَاتِ، وَيَحْصُلُ بَيَانُهُ بِالنَّظَرِ فِي الْعِوَضِ الْمُتَعَذَّرِ تَحْصِيلُهُ، وَالْمُعَوَّضِ الْمُسْتَرْجَعِ، وَالْمُعَاوَضَةِ الَّتِي انْتَقَلَ الْمِلْكُ بِهَا إِلَى الْمُفْلِسِ. أَمَّا الْعِوَضُ وَهُوَ الثَّمَنُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأَعْوَاضِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ وَصْفَانِ. أَحَدُهُمَا: تَعَذُّرُ اسْتِئْنَافِهِ بِالْإِفْلَاسِ، وَفِيهِ صُوَرٌ.
إِحْدَاهَا: إِذَا كَانَ مَالُهُ وَافِيًا بِالدُّيُونِ وَجَوَّزْنَا الْحَجْرَ، فَحُجِرَ، فَفِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ، وَجْهَانِ. وَقَطَعَ الْغَزَالِيُّ بِالْمَنْعِ ; لِأَنَّهُ يَصِلُ إِلَى الثَّمَنِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ: لَا نَفْسَخُ لِتَقَدُّمِكَ بِالثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ ; لِأَنَّ فِيهِ مِنَّةً وَقَدْ يَظْهَرُ مُزَاحِمٌ. وَلَوْ قَالُوا: نُؤَدِّي الثَّمَنَ مِنْ خَالِصِ أَمْوَالِنَا، أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ. وَلَوْ أَجَابَ، ثُمَّ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ لَمْ يُزَاحِمْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute