قُلْتُ: قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِهِ «الْغَيَاثِي» : يَجِبُ عَلَى الْمُوسِرِ الْمُوَاسَاةُ بِمَا زَادَ عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ.
وَأَمَّا الْحِرْفُ وَالصِّنَاعَاتُ وَمَا بِهِ قَوَامُ الْمَعَايِشِ، كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْحِرَاثَةِ، وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى الْحِجَامَةِ وَالْكُنَّسِ، فَالنُّفُوسُ مَجْبُولَةٌ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا، فَلَا تَحْتَاجُ إِلَى حَثٍّ عَلَيْهَا وَتَرْغِيبٍ فِيهَا، لَكِنْ لَوِ امْتَنَعَ الْخَلْقُ مِنْهَا، أَثِمُوا وَكَانُوا سَاعِينَ فِي إِهْلَاكِ أَنْفُسِهِمْ، فَهِيَ إِذَنْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ.
فَصْلٌ
وَمِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ، وَبِصَلَاحِ الْمَعِيشَةِ، كَتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا، وَإِعَانَةِ الْقُضَاةِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَكَتَجْهِيزِ الْمَوْتَى غُسْلًا وَتَكْفِينًا وَصَلَاةً وَدَفْنًا وَنَحْوِ ذَلِكَ.
مِنَ الْعُلُومِ مَا يَتَعَيَّنُ طَلَبُهُ وَتَعَلُّمُهُ، وَمِنْهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ.
فَمِنَ الْمُتَعَيَّنِ: مَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِإِقَامَةِ مَفْرُوضَاتِ الدِّينِ، كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّ مَنْ لَا يَعْلَمُ أَرْكَانَ الصَّلَاةِ وَشُرُوطَهَا لَا يُمْكِنُهُ إِقَامَتَهَا، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ تَعَلُّمُ الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الدَّقَائِقِ وَالْمَسَائِلِ الَّتِي لَا تَعُمُّ بِهَا بَلْوَى، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ زَكَوِيٌّ، لَزِمَهُ تَعَلُّمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute