وَقَوْلُ الْمُزَنِيِّ. وَلَوْ حَكَمَ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْ رَمَضَانَ، ثُمَّ شَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ مَاتَ فِي شَوَّالٍ، فَهَلْ يُنْقَضُ الْحُكْمُ، وَيُجْعَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَتِ الْبَيِّنَتَانِ مَعًا؟ خَرَّجَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى قَوْلَيْنِ، كَمَا لَوْ بَانَ فِسْقُ الشُّهُودِ بَعْدَ الْحُكْمِ.
فَرْعٌ
قَالَ لِسَالِمٍ: إِنْ مِتُّ فِي رَمَضَانَ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَلِغَانِمٍ: إِنْ مِتُّ فِي شَوَّالٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيِّنَةً تَقْتَضِي حُرِّيَّتَهُ، فَقَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا لِلتَّعَارُضِ، وَالثَّانِي: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ سَالِمٍ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ وَهِيَ حُدُوثُ الْمَوْتِ فِي رَمَضَانَ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ وَابْنُ سُرَيْجٍ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ غَانِمٍ. فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّعَارُضِ، فَعَلَى السُّقُوطِ يَرِقُّ الْعَبْدَانِ، وَعَلَى الْقِسْمَةِ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفَهُ، وَلَوْ قَالَ لِسَالِمٍ: إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَأَنْتَ حُرٌّ، وَقَالَ لِغَانِمٍ: إِنْ بَرِئْتُ مِنْهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَأَقَامَ سَالِمٌ بَيِّنَةً بِمَوْتِهِ، وَغَانِمٌ بَيِّنَةً بِبُرْئِهِ، فَهَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ سَالِمٍ أَمْ غَانِمٍ، أَمْ يَتَعَارَضَانِ؟ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهُمَا: الثَّالِثُ، فَيَكُونُ عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي التَّعَارُضِ. وَقِيلَ: إِذَا وُجِدَ التَّعَارُضُ فِي مِثْلِ هَذَا غَلَبَتِ الْحُرِّيَّةُ.
قُلْتُ: مَعْنَى تَغْلِيبِهَا أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِسُقُوطِ الْبَيِّنَتَيْنِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
مَنِ ادَّعَى وِرَاثَةَ شَخْصٍ، وَطَلَبَ تَرِكَتَهُ، أَوْ شَيْئًا مِنْهَا، فَلْيُبَيِّنْ جِهَةَ الْوِرَاثَةِ مِنْ بُنُوَّةٍ أَوْ أُخُوَّةٍ وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي لِطَلَبِ التَّرِكَةِ ذِكْرُ الْجِهَةِ، بَلْ يُذْكَرُ مَعَهَا الْوِرَاثَةُ، فَيَقُولُ: أَنَا أَخُوهُ وَوَارِثُهُ، وَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِبَاطِنِ حَالِ الْمَيِّتِ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ، لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا سِوَاهُ، دُفِعَتْ إِلَيْهِ التَّرِكَةُ. وَإِنْ شَهِدَا لِصَاحِبِ فَرْضٍ دُفِعَ إِلَيْهِ فَرْضُهُ، وَلَا يُطَالَبَانِ بِضَمِينٍ. وَذَكَرَ الْفُورَانِيُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute