سَبَبٌ ضَعِيفٌ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فِي الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ اسْتِيلَاءٌ عَلَيْهَا، وَالْعُلُوقَ مِنْ آثَارِهِ، فَأَدَمْنَا الِاسْتِيلَاءَ كَالْمُحْرِمِ إِذَا نَفَّرَ صَيْدًا وَبَقِيَ نِفَارُهُ إِلَى الْهَلَاكِ بِالتَّعَثُّرِ وَغَيْرِهِ. وَالْحُرَّةُ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الِاسْتِيلَاءِ. وَلَوْ أَوْلَدَ امْرَأَةً بِالزِّنَا مُكْرَهَةً، فَمَاتَتْ بِالْوِلَادَةِ حُرَّةً
[كَانَتْ] أَوْ أُمَّةً لَمْ يَجِبِ الضَّمَانُ عَلَى الْأَظْهَرِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ غَيْرُ مُضَافَةٍ إِلَيْهِ، لِقَطْعِ النَّسَبِ. وَلَوْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْوِلَادَةِ لَمْ يَجِبِ الضَّمَانُ بِلَا خِلَافٍ، لِتَوَلُّدِهِ مِنْ مُسْتَحِقٍّ. وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا ضَمَانَ الْحُرَّةِ، فَهُوَ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ. وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ، وَجَبَ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْإِحْبَالِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّلَفِ، كَمَا لَوْ جَرَحَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ، فَبَقِيَ زَمَنًا حَتَّى مَاتَ وَقِيمَتُهُ عَشْرَةٌ، لَزِمَهُ مِائَةٌ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّلَفِ. وَالثَّالِثُ: يَجِبُ أَكْثَرُهُمَا، كَالْغَصْبِ. وَلَوْ لَمْ تَمُتْ، وَنَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ، لَزِمَهُ الْأَرْشُ. فَإِنْ شَاءَ جَعْلَهُ رَهْنًا مَعَهَا، وَإِنْ شَاءَ صَرَفَهُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ.
فَصْلٌ
لِلرَّاهِنِ اسْتِيفَاءُ الْمَنَافِعِ الَّتِي لَا تَضُرُّ بِالْمُرْتَهِنِ، كَسُكْنَى الدَّارِ، وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ، وَاسْتِكْسَابُ الْعَبْدِ، وَلُبْسُ الثَّوْبِ، وَإِلَّا إِذَا نَقَصَ بِاللُّبْسِ، وَإِنْزَاءُ الْفَحْلِ، إِلَّا إِذَا نَقَصَ قِيمَتُهُ. وَالْإِنْزَاءُ عَلَى الْأُنْثَى، إِنْ كَانَ الدَّيْنُ يَحُلُّ قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ، أَوْ تَلِدُ قَبْلَ حُلُولِهِ. فَإِنْ كَانَ يَحُلُّ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَقَبْلَ الْوِلَادَةِ، فَإِنْ قُلْنَا: الْحَمْلُ لَا يُعْرَفُ، جَازَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ مَعَ الْحَمْلِ. وَإِنْ قُلْنَا: يُعْرَفُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بَيْعُهَا دُونَ الْحَمْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مَرْهُونٍ. وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ فِي الْأَرْضِ الْمَرْهُونَةِ، وَلَا الْغِرَاسُ، وَفِي وَجْهٍ: يَجُوزُ إِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا، وَالصَّحِيحُ: الْمَنْعُ. وَالزَّرْعُ إِنْ نَقَصَ قِيمَةَ الْأَرْضِ لِاسْتِيفَاءِ قُوَّتِهَا، مَمْنُوعٌ. وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ وَكَانَ بِحَيْثُ يُحْصَدُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَلَا
[مَنْعَ] . فَلَوْ تَأَخَّرَ الْإِدْرَاكُ لِعَارِضٍ، تُرِكَ إِلَى الْإِدْرَاكِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute