وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي «مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ» : وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إِذَا رُمِيَ رَجُلٌ بِزِنًا أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَمُتَأَوَّلٌ. قِيلَ: الْمُرَادُ: لَا يَسْأَلُهُ، هَلْ زَنَيْتَ؟ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الرَّامِي أَوِ الْمَرْمِيُّ مُعَيَّنًا، بِأَنْ قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ الْحَاكِمِ: النَّاسُ يَقُولُونَ: زَنَى فُلَانٌ، أَوْ قَالَ: زَنَى فِي هَذِهِ الْمَحَلَّةِ رَجُلٌ، أَوْ رُمِيَ بِحَجَرٍ، فَقَالَ: مَنْ رَمَانِي بِهِ فَهُوَ زَانٍ، وَهُوَ لَا يَدْرِي مَنْ رَمَاهُ بِهِ. قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: الْمُرَادُ: إِذَا رَمَاهُ تَعْرِيضًا لَا تَصْرِيحًا، وَعَنِ ابْنِ سُرَيْجٍ، الْمُرَادُ: إِذَا قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِمُعَيَّنٍ وَلَاعَنَ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِعْلَامِهِ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ فِي اللِّعَانِ، أَمْ لَا، وَقُلْنَا: يَسْقُطُ حَدُّهُ لَهُ، أَوْ لَا يَسْقُطُ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يُخْبِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ، لِأَنَّ الزَّوْجَةَ سَتُطَالِبُ، وَمُطَالَبَتُهَا تَكْفِي عَنْ مُطَالَبَتِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيًّا.
فَصْلٌ
إِذَا قَذَفَ جَمَاعَةً، فَهُمْ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَمَحَّضُوا أَجَانِبَ أَوْ زَوْجَاتٍ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مِنَ الصِّنْفَيْنِ، الْأَوَّلُ: الْمُتَمَحِّضُونَ، فَإِمَّا أَنْ يَقْذِفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ، وَإِمَّا بِكَلِمَةٍ، فَهُمَا حَالَانِ.
الْأَوَّلُ: أَنْ يَقْذِفَ كُلَّ وَاحِدٍ بِكَلِمَةٍ، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ، وَإِنْ كُنَّ زَوْجَاتٍ، أَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ بِلِعَانٍ، وَيَكُونُ اللِّعَانُ عَلَى تَرْتِيبِ قَذْفِهِنَّ، فَلَوْ لَاعَنَ عَنْهُنَّ لِعَانًا وَاحِدًا، لَمْ يَكْفِ عَنِ الْجَمِيعِ، لَكِنْ، إِنْ سَمَّاهُنَّ، حُسِبَ عَنِ الَّتِي سَمَّاهَا أَوَّلًا، وَإِنْ أَشَارَ إِلَيْهِنَّ فَقَطْ، لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَقْذِفَهُمْ بِكَلِمَةٍ، كَقَوْلِهِ: زَنَيْتُمْ، أَوْ أَنْتُمْ زُنَاةٌ، فَقَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدًّا، وَالْقَدِيمُ: لَا يَجِبُ إِلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ، فَعَلَى هَذَا، إِنْ حَضَرَ وَاحِدٌ وَطَلَبَ الْحَدَّ، حُدَّ لَهُ، وَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِينَ.
وَلَوْ قَالَ: يَابْنَ الزَّانِيَيْنِ، فَهُوَ قَذْفٌ لِأَبَوَيِ الْمُخَاطَبِ بِكَلِمَةٍ، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، وَإِنْ قَالَ لِنِسْوَتِهِ الْأَرْبَعِ: زَنَيْتُنَّ، فَالْحَدُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، فَإِنْ أَرَادَ اللِّعَانَ، فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute