قُلْنَا: يَتَعَدَّدُ الْحَدُّ؛ تَعَدَّدَ اللِّعَانُ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَّحِدُ الْحَدُّ، فَفِي اللِّعَانِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يَتَعَدَّدُ، لِأَنَّ اللِّعَانَ يَمِينٌ، وَالْأَيْمَانُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِحُقُوقِ جَمَاعَةٍ لَا تَتَدَاخَلُ. وَالثَّانِي: يَكْفِي لِعَانٌ يَجْمَعُهُنَّ فِيهِ، بِالِاسْمِ أَوْ بِالْإِشَارَةِ إِنِ اكْتَفَيْنَا بِهَا، وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّعَدُّدِ، فَرَضِينَ بِلِعَانٍ وَاحِدٍ، لَمْ يَنْفَعْ كَمَا لَوْ رَضِيَ الْمُدَّعُونَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يُلَاعِنُ عَنْهُنَّ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي يَتَّفِقْنَ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَنَازَعْنَ فِي الِابْتِدَاءِ، أُقْرِعَ بَيْنَهُنَّ، فَإِنْ قَدَّمَ الْحَاكِمُ وَاحِدَةً، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: رَجَوْتُ أَنْ لَا يَأْثَمَ.
وَنَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إِذَا لَمْ يَقْصِدْ تَفْضِيلَ بَعْضِهِنَّ وَيُجَنَّبُ الْمَيْلُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالِاتِّحَادِ، فَذَلِكَ إِذَا تَوَافَقْنَ عَلَى الطَّلَبِ، أَوْ لَمْ نَشْتَرِطْ طَلَبَهُنَّ، أَمَّا إِذَا شَرَطْنَاهُ وَانْفَرَدَ بَعْضُهُنَّ بِالطَّلَبِ، فَلَاعَنَ، ثُمَّ طَلَبَ الْبَاقِيَاتُ، احْتَاجَ إِلَى اللِّعَانِ، وَحَصَلَ التَّعَدُّدُ. وَإِذَا لَاعَنَ عَنْهُنَّ، لَزِمَهُنَّ الْحَدُّ، فَمَنْ لَاعَنَتْ، سَقَطَ عَنْهَا الْحَدُّ، وَمَنِ امْتَنَعَتْ حُدَّتْ، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنَ اللِّعَانِ، كَفَاهُ حَدٌّ وَاحِدٌ عَلَى قَوْلِنَا بِالِاتِّحَادِ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ فِيمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً بِكَلِمَةٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِزِنَا وَاحِدٍ. فَإِنْ قَيَّدَ، بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ: زَنَيْتِ بِفُلَانٍ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ فِي تَعَدُّدِ الْحَدِّ وَاتِّحَادِهِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالِاتِّحَادِ لِأَنَّهُ رَمَاهُمَا بِفَاحِشَةٍ وَاحِدَةٍ.
الضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مِنَ الصِّنْفَيْنِ، بِأَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهَ وَأَجْنَبِيَّةً، نُظِرَ إِنْ كَانَ بِكَلِمَتَيْنِ، فَعَلَيْهِ حَدَّانِ، فَإِنْ لَاعَنَ عَنْ زَوْجَتِهِ، سَقَطَ حَدُّهَا، وَبَقِيَ حَدُّ الْأَجْنَبِيَّةِ. وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: يَا زَانِيَةُ بِنْتَ الزَّانِيَةِ، أَوْ زَنَيْتِ وَزَنَتْ أُمُّكِ، فَعَلَيْهِ حَدَّانِ لَهُمَا، فَإِنْ حَضَرَتَا مَعًا وَطَلَبَتَا الْحَدَّيْنِ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ: يُبْدَأُ بِحَدِّ الْأُمِّ، لِأَنَّ حَقَّهَا أَقْوَى، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ. وَالثَّانِي: يُبْدَأُ بِالْبِنْتِ لِسَبْقِهَا. وَالثَّالِثُ: يُقْرَعُ. وَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: يَا زَانِيَةُ بِنْتَ الزَّانِيَةِ، قُدِّمَتِ الْبِنْتُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: يُقْرَعُ. وَلَوْ قَالَ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ: يَا زَانِيَةُ أُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute