للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانُوا كُلُّهُمْ مُؤَدِّينَ لِلْفَرْضِ، وَلَا مَزِيَّةَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ، وَإِذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ جَمْعٌ، ثُمَّ آخَرُونَ، كَانَتْ صَلَاةُ الْآخَرِينَ فَرْضَ كِفَايَةٍ كَالْأَوَّلِينَ.

قُلْتُ: لِلْقَائِمِ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ مَزِيَّةٌ عَلَى الْقَائِمِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَسْقَطَ الْحَرَجَ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِهِ «الْغَيَاثِي» : الَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْمُتَعَيِّنَ، اخْتَصَّ هُوَ بِالْإِثْمِ، وَلَوْ فَعَلَهُ، اخْتَصَّ بِسُقُوطِ الْفَرْضِ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ لَوْ تَرَكَهُ، أَثِمَ الْجَمِيعُ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ لَوْ فَعَلَهُ، سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْجَمِيعِ، وَفَاعِلُهُ سَاعٍ فِي صِيَانَةِ الْأُمَّةِ عَنِ الْمَأْثَمِ، وَلَا يُشَكُّ فِي رُجْحَانِ مَنْ حَلَّ مَحَلَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ فِي الْقِيَامِ بِمُهِمٍّ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

فِي السَّلَامِ فِيهِ مَسَائِلُ:

الْأُولَى: ابْتِدَاءُ السَّلَامِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَى وَاحِدٍ، وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ، فَالرَّدُّ فِي حَقِّهِمْ فَرْضُ كِفَايَةٍ، فَإِنْ رَدَّ أَحَدُهُمْ، سَقَطَ الْحَرَجُ عَنِ الْبَاقِينَ، وَإِنْ رَدَّ الْجَمِيعُ، كَانُوا مُؤَدِّينَ لِلْفَرْضِ، سَوَاءٌ رَدُّوا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبِينَ، فَإِنِ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ، أَثِمُوا، وَلَوْ رَدَّ غَيْرُ مَنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ، لَمْ يَسْقِطِ الْفَرْضُ عَمَّنْ سُلِّمَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ أَيْضًا سُنَّةً عَلَى الْكِفَايَةِ، فَإِذَا لَقِيَ جَمَاعَةٌ آخَرِينَ، فَسَلَّمَ أَحَدُ هَؤُلَاءِ عَلَى هَؤُلَاءِ، كَفَى ذَلِكَ فِي إِقَامَةِ أَصْلِ السُّنَّةِ.

الثَّانِيَةُ: لَا بُدَّ مِنَ ابْتِدَاءِ السَّلَامِ وَرَدِّهُ مَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْمَاعُ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ مُتَّصِلًا بِالسَّلَامِ الِاتِّصَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>