الْمُشْتَرِطَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْعُقُودِ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَوْ نَادَاهُ مِنْ وَرَاءِ حَائِطٍ أَوْ سِتْرٍ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا فُلَانُ، أَوْ كَتَبَ كِتَابًا وَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِيهِ، أَوْ أَرْسَلَ رَسُولًا فَقَالَ: سَلِّمْ عَلَى فُلَانٍ، فَبَلَغَهُ الْكِتَابُ وَالرِّسَالَةُ، لَزِمَهُ الرَّدُّ، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى أَصَمٍّ، أَتَى بِاللَّفْظِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ، وَيُشِيرُ بِالْيَدِ لِيَحْصُلَ الْإِفْهَامُ، فَإِنْ لَمْ يَضُمَّ الْإِشَارَةَ إِلَى اللَّفْظِ، لَمْ يَسْتَحِقَّ الْجَوَابَ، وَكَذَا فِي جَوَابِ سَلَامِ الْأَصَمِّ، يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّفْظِ وَالْإِشَارَةِ، وَسَلَامُ الْأَخْرَسِ بِالْإِشَارَةِ مُعْتَدٌّ بِهِ، وَكَذَا رَدُّهُ.
الثَّالِثَةُ: صِيغَتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، قَالَ الْإِمَامُ: وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ.
قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ تَسْلِيمٌ يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ، وَمِمَّنْ قَالَ أَيْضًا إِنَّهُ تَسْلِيمٌ أَبُو الْحَسَنِ الْوَاحِدِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَكِنْ يُكْرَهُ الِابْتِدَاءُ بِهِ، نَصَّ عَلَى كَرَاهَتِهِ الْغَزَالِيُّ فِي «الْإِحْيَاءِ» وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي جُرَيٍّ بِضَمِّ الْجِيمِ تَصْغِيرُ جَرْوٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَا تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيُسْتَحَبُّ مُرَاعَاةُ صِيغَةِ الْجَمْعِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَاحِدًا خِطَابًا وَلِمَلَائِكَتِهِ، وَلَوْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَتَرَكَ صِيغَةَ الْجَمْعِ، حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ، وَصِيغَةُ الْجَوَابِ، وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ، أَوْ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ، فَلَوْ تَرَكَ حَرْفَ الْعَطْفِ فَقَالَ: عَلَيْكُمُ السَّلَامُ، قَالَ الْإِمَامُ: يَكْفِي ذَلِكَ، وَيَكُونُ جَوَابًا، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُدْخِلَ الْوَاوَ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَيْسَ بِجَوَابٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute