وَلَوْ نَذَرَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ، وَدَخَلَ قُبَيْلَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ، فَنَقَصَ الشَّهْرُ، لَزِمَهُ يَوْمٌ مِنَ الشَّهْرِ الْآخَرِ، وَفِي دُخُولِ اللَّيَالِي هُنَا الْخِلَافُ.
فَرْعٌ
نَذَرَ اعْتِكَافَ الْيَوْمَ الَّذِي يَقْدَمُ فِيهِ زِيدٌ، فَقَدِمَ لَيْلًا، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ قَدِمَ نَهَارًا، لَزِمَهُ بَقِيَّةُ النَّهَارِ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ مَا مَضَى عَلَى الْأَظْهَرِ، وَعَلَى الثَّانِي: يَلْزَمُهُ، فَيَقْضِي بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ يَوْمٍ آخَرَ.
قَالَ الْمُزَنِيُّ: الْأَوْلَى أَنْ يَسْتَأْنِفَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لِيَكُونَ اعْتِكَافُهُ مُتَّصِلًا.
وَلَوْ كَانَ النَّاذِرُ وَقْتَ الْقُدُومِ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا، قَضَى عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ. إِمَّا مَا بَقِيَ، وَإِمَّا يَوْمًا كَامِلًا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ.
وَفِي وَجْهٍ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ، كَمَا لَوْ نَذَرَتْ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَحَاضَتْ فِيهِ.
فَصْلٌ
إِذَا نَذَرَ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا، وَشَرَطَ الْخُرُوجَ إِنْ عَرَضَ عَارِضٌ، صَحَّ شَرْطُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
وَحَكَى صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» وَالْحَنَّاطِيُّ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ - قَوْلًا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَاهُ، فَبَطَلَ، كَمَا لَوْ شَرَطَ الْخُرُوجَ لِلْجِمَاعِ، فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، نُظِرَ، إِنْ عَيَّنَ نَوْعًا فَقَالَ: لَا أَخْرُجُ إِلَّا لِعِيَادَةِ الْمَرْضَى، أَوْ لِعِيَادَةِ زَيْدٍ، أَوْ تَشْيِيعِ جِنَازَتِهِ، خَرَجَ لِمَا عَيَّنَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَهَمَّ مِنْهُ.
وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَالَ: لَا أَخْرُجُ إِلَّا لِشُغْلٍ أَوْ عَارِضٍ، جَازَ الْخُرُوجُ لِكُلِّ شُغْلٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ. فَالْأَوَّلُ: كَالْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَةِ، وَالْعِيَادَةِ، وَالثَّانِي: كَلِقَاءِ السُّلْطَانِ، وَاقْتِضَاءِ الْغَرِيمِ، وَلَا يَبْطُلُ التَّتَابُعُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute