فَرْعٌ
لَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ تَسْلِيمُ الْمَالِ إِلَى غَيْرِهِ لِيُعَرِّفَهُ إِلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، فَإِنْ فَعَلَ، ضَمِنَ، ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ، وَغَيْرُهُ.
يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُعَرِّفِ عَاقِلًا غَيْرَ مَشْهُورٍ بِالْخَلَاعَةِ وَالْمُجُونِ، وَإِلَّا، فَلَا يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ، وَلَا تَحْصُلُ فَائِدَةُ التَّعْرِيفِ.
فَصْلٌ
إِنَّمَا يَجِبُ تَعْرِيفُ اللُّقَطَةِ إِذَا جَمَعَتْ وَصْفَيْنِ، أَحَدُهُمَا: كَوْنُ الْمُلْتَقَطِ كَثِيرًا. فَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، نُظِرَ، إِنِ انْتَهَتْ قِلَّتُهُ إِلَى حَدٍّ يَسْقُطُ تَمَوُّلُهُ كَحَبَّةِ الْحِنْطَةِ، وَالزَّبِيبَةِ، فَلَا تَعْرِيفَ، وَلِوَاجِدِهِ الِاسْتِبْدَادُ بِهِ. وَإِنْ كَانَ مُتَمَوَّلًا مَعَ قِلَّتِهِ، وَجَبَ تَعْرِيفُهُ، وَفِي قَدْرِ تَعْرِيفِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ:
[سَنَةٌ] كَالْكَثِيرِ. وَأَشْبَهَهُمَا بِاخْتِيَارِ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ: لَا يَجِبُ سُنَّةً. فَعَلَى هَذَا أَوْجُهٌ: أَحَدُهَا: يَكْفِي مَرَّةً. وَالثَّانِي: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَأَصَحُّهَا: مُدَّةً يُظَنُّ فِي مِثْلِهَا طَلَبُ فَاقِدِهِ لَهُ، فَإِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ إِعْرَاضُهُ، سَقَطَ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: فَدَانِقُ الْفِضَّةِ يُعَرَّفُ فِي الْحَالِ، وَدَانِقُ الذَّهَبِ يُعَرَّفُ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً. وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْمُتَمَوَّلِ وَالْكَثِيرِ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: لَا يَتَقَدَّرُ، بَلْ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ فَاقِدَهُ لَا يَكْثُرُ أَسَفُهُ عَلَيْهِ، وَلَا يَطُولُ طَلَبُهُ لَهُ غَالِبًا، فَقَلِيلٌ، قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَغَيْرُهُ، وَصَحَّحَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute