بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِ بَاقِيهِ، فَالْأَكْسَابُ الْعَامَّةُ، وَالْمُؤَنُ الْعَامَّةُ، كَالنَّفَقَةِ تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ، وَفِي الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ، كَمَا يَقْبَلُهُ بِهِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ، وَفِي الْمُؤَنِ النَّادِرَةِ، كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ وَالْحَجَّامِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ وَمَوَاضِعَ، وَالْأَظْهَرُ دُخُولُهَا أَيْضًا. وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ فِي الْكِسْوَةِ إِلَى قَدْرِ النَّوْبَةِ حَتَّى تَبْقَى عَلَى الِاشْتِرَاكِ إِنْ جَرَتِ الْمُهَايَأَةُ مُيَاوَمَةً.
فَرْعٌ
لَا تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِي الْحَيَوَانِ اللَّبُونِ لِيَحْلُبَ هَذَا يَوْمًا، وَهَذَا يَوْمًا، وَلَا فِي الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ، لِيَكُونَ ثَمَرُهَا لِهَذَا عَامًا وَلِهَذَا عَامًا لِمَا فِيهِ مِنَ التَّفَاوُتِ الظَّاهِرِ.
قُلْتُ: طَرِيقُهَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ أَنْ يُبِيحَ كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ لِصَاحِبِهِ مُدَّةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
جَمَاعَةٌ فِي أَيْدِيهِمْ دَارٌ أَوْ أَرْضٌ، طَلَبُوا مِنَ الْقَاضِي قِسْمَتَهَا بَيْنَهُمْ، فَإِنْ أَقَامُوا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُمْ، أَجَابَهُمْ إِلَى الْقِسْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يُقِيمُوهَا، فَطَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يُجِيبُهُمْ، فَرُبَّمَا كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إِعَارَةٍ، فَإِذَا قَسَمَهَا رُبَّمَا ادَّعَوْا مِلْكَهَا مُحْتَجِّينَ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي. وَالثَّانِي: يُجِيبُهُمْ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، لَكِنْ يَكْتُبُ أَنَّهُ إِنَّمَا قَسَمَ بَيْنَهُمْ بِدَعْوَاهُمْ، لِئَلَّا يَتَمَسَّكُوا بِقِسْمَتِهِ. وَحَكَى السَّرَخْسِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا التَّقْيِيدِ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَلَمَةَ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلَيْنِ، فَأَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْغَزَالِيِّ: الثَّانِي، وَعِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَطَبَقَتِهِ: الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا ذَكَرَ الْقَوْلَ الثَّانِي، قَالَ: وَلَا يُعْجِبُنِي هَذَا الْقَوْلُ.
قُلْتُ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُجِيبُهُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute