للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: كَذَا قَطَعَ الْجُمْهُورُ، أَنَّ الْمُخَذِّلَ لَا رَضْخَ لَهُ. وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ: إِنْ حَضَرَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، رَضَخَ لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

بَعَثَ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ سَرِيَّةً إِلَى دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ مُقِيمٌ بِبَلَدِهِ، فَغَنِمَتْ، لَمْ يُشَارِكْهَا الْإِمَامُ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ.

قُلْتُ: سَوَاءٌ كَانَتْ دَارُ الْحَرْبِ قَرِيبَةً مِنَ الْإِمَامِ، أَمْ لَا. حَتَّى لَوْ بَعَثَ سَرِيَّةً، وَقَصَدَ الْخُرُوجَ وَرَاءَهَا، فَغَنِمَتِ السَّرِيَّةُ قَبْلَ خُرُوجِهِ، لَمْ يُشَارِكْهَا وَإِنْ قَرُبَتْ دَارُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لِلْمُجَاهِدِينَ، وَقَبْلَ الْخُرُوجِ لَيْسُوا مُجَاهِدِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَوْ بَعَثَ سَرِيَّتَيْنِ إِلَى جِهَتَيْنِ، لَمْ تُشَارِكْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى. فَلَوْ أَوْغَلَتَا فِي دِيَارِ الْكُفَّارِ، وَالْتَقَتَا فِي مَوْضِعٍ، اشْتَرَكَتَا فِيمَا غَنِمَتَا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ. وَلَوْ بَعَثَهُمَا إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ أَمَّرَ عَلَيْهِمَا أَمِيرًا وَاحِدًا، أَوْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا قَرِيبَةً مِنَ الْأُخْرَى، بِحَيْثُ تَكُونُ كُلُّ وَاحِدَةً عَوْنًا لِلْأُخْرَى، اشْتَرَكَتَا، وَإِلَّا، فَلَا. وَلَوْ دَخَلَ الْإِمَامُ أَوِ الْأَمِيرُ دَارَ الْحَرْبِ، وَبَعَثَ سَرِيَّةً فِي نَاحِيَةٍ، فَغَنِمَتْ، شَارَكَهُمْ جَيْشُ الْإِمَامِ. وَلَوْ غَنِمَ الْجَيْشُ، شَارَكَتْهُ السَّرِيَّةُ، لِاسْتِظْهَارِ كُلٍّ بِالْآخَرِ. وَلَوْ بَعَثَ سَرِيَّتَيْنِ إِلَى جِهَةٍ، اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِيمَا يَغْنَمُ كُلٌّ مِنْهُمْ. وَلَوْ بَعَثَهُمَا إِلَى جِهَتَيْنِ، فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا شَرِكَةَ بَيْنَ السَّرِيَّتَيْنِ هُنَا.

ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ وَالْإِمَامُ أَنَّ شَرْطَ الِاشْتِرَاكِ أَنْ يَكُونُوا بِالْقُرْبِ مُتَرَصِّدِينَ لِلنُّصْرَةِ. وَحَدُّ الْقُرْبِ: أَنْ يَبْلُغَهُمُ الْغَوْثُ وَالْمَدَدُ مِنْهُمْ إِنِ احْتَاجُوا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لِهَذَا، وَاكْتَفَوْا بِاجْتِمَاعِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>