يَثْبُتُ أَصْلًا، أَمْ تَابِعًا لِحَقِّهَا؟ وَإِنْ عَفَا الرَّجُلُ عَنْ حَقِّهِ، أَوْ عَفَتْ هِيَ، فَلِلْآخَرِ مِنْهُمَا الْمُطَالَبَةُ، سَوَاءٌ قُلْنَا: الْوَاجِبُ حَدٌّ أَمْ حَدَّانِ، وَلَهُ إِسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ. وَعَنِ ابْنِ الْقَطَّانِ: إِذَا قُلْنَا: حَقُّهُ تَابِعٌ، فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِمِثْلِهِ أَجَابَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، فِيمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرِ الرَّجُلَ فِي لِعَانِهَا، وَقُلْنَا: لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ فَطَالَبَ بِحَقِّهِ، وَامْتَنَعَ الزَّوْجُ عَنْ إِعَادَةِ اللِّعَانِ، فَلَا يُحَدُّ سَوَاءٌ قُلْنَا: يَجِبُ لَهُمَا حَدٌّ أَمْ حَدَّانِ، لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَتَبَعَّضُ، وَلَا يَجِبُ بِاللِّعَانِ حَدُّ الزِّنَا عَلَى الرَّجُلِ الْمَرْمِيِّ بِهِ بِحَالٍ.
وَإِذَا لَاعَنَ لِإِسْقَاطِ حَدِّ الْمَرْمِيِّ بِهِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: قِيلَ: يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ، وَيَحْتَمِلُ خِلَافُهُ.
فَرْعٌ
قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِزَيْدٍ، أَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيٌّ أَجْنَبِيًّا وَالْمَقْذُوفُ غَائِبٌ فَفِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ. أَحُدُهَا: يُسْتَحَبُّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَى الْمَقْذُوفِ فَيُخْبِرَهُ بِالْحَالِ، لِيُطَالِبَ بِحَقِّهِ إِنْ شَاءَ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ. وَالثَّالِثُ: نَقَلَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ، أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَى الْحَاكِمِ، وَنَصَّ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ عِنْدَهُ رَجُلٌ بَدَيْنٍ لِزَيْدٍ، لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعْلَامُهُ. وَأَنَّ لِلْأَصْحَابِ فِي النَّصَّيْنِ: ثَلَاثُ طُرُقٍ:
أَحَدُهَا: تَنْزِيلُ النَّصَّيْنِ عَلَى حَالَيْنِ إِنْ كَانَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ حَاضِرًا عَالِمًا بِالْحَالِ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِخْبَارِهِ فِي النَّوْعَيْنِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ غَافِلًا عَمَّا جَرَى، وَجَبَ إِعْلَامُهُ لِئَلَّا يَضِيعَ حَقُّهُ. وَالثَّانِي: تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا، لِأَنَّ الْإِمَامَ يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ بِخِلَافِ الْمَالِ. وَالثَّالِثُ: جَعْلُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَكَيْفَمَا كَانَ، فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إِخْبَارِ الْمَقْذُوفِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute