لِأَنَّ فِيهِ إِضْرَارًا بِالْمَسَاكِينِ. ثُمَّ فِيهِ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ إِمْضَائِهِ. وَأَظْهَرُهُمَا: لَا يَنْفَسِخُ، لَكِنْ إِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ، يُفْسَخُ، وَإِنْ رَضِيَ بِهِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي إِلَّا الْقَطْعَ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُفْسَخُ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا يُفْسَخُ. وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ ثُمَّ رَجَعَ، كَانَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ إِعَارَةٌ، وَحَيْثُ قُلْنَا: يُفْسَخُ الْبَيْعُ، فَفُسِخَ، فَعَلَى مَنْ تَجِبُ الزَّكَاةُ؟ قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: عَلَى الْبَائِعِ، وَأَظْهَرُهُمَا: عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ فُسِخَ بِعَيْبٍ، فَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَ السَّاعِي مِنْ عَيْنِ الثَّمَرَةِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي.
فَرْعٌ
إِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ: إِنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادَ الْحَبِّ وَقْتَ الْوُجُوبِ، لَمْ يُكَلَّفِ الْإِخْرَاجَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، لَكِنْ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ إِذَا صَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا أَوْ حَبًّا مُصَفًّى، وَصَارَ لِلْفُقَرَاءِ فِي الْحَالِ حَقٌّ يُدْفَعُ إِلَيْهِمْ إِجْزَاءً، فَلَوْ أَخْرَجَ الرُّطَبَ فِي الْحَالِ لَمْ يَجُزْ، فَلَوْ أَخَذَ السَّاعِي الرُّطَبَ، لَمْ يَقَعِ الْمَوْقِعُ، وَوَجَبَ رَدُّهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَإِنْ تَلِفَ فَوَجْهَانِ، الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ - أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَتَهُ، وَالثَّانِي: يَرُدُّ مَثَلَهُ. وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الرُّطَبَ وَالْعِنَبَ مِثْلِيَّانِ، أَمْ لَا؟ وَلَوْ جَفَّ عِنْدَ السَّاعِي، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الزَّكَاةِ، أَجْزَأَ، وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ أَوْ أَخَذَهُ، كَذَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَالْأَوْلَى: وَجْهٌ آخَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِحَالٍ؛ لِفَسَادِ الْقَبْضِ مِنْ أَصْلِهِ، وَمَئُونَةُ تَجْفِيفِ الثَّمَرِ وَجِدَادُهُ وَحَصَادُ الْحَبِّ وَتَصْفِيَتُهُ تَكُونُ مِنْ خَلَاصِ مَالِ الْمَالِكِ لَا يُحْسَبُ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ، وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا هُوَ فِي الرُّطَبِ الَّذِي يَجِيءُ مِنْهُ تَمْرٌ، فَإِنْ كَانَ لَا يَجِيءُ شَيْءٌ مِنْهُ، فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute