الرَّابِعَةُ: لَيْسَ لَهُ شِرَاءُ أَحَدٍ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لِتَضَمُّنِهِ الْعِتْقَ. فَلَوْ وَهَبَ لَهُ قَرِيبَهُ، أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْكَسْبِ لِهِرَمٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَعَجَزَ وَكَانَ بِحَيْثُ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، لَمْ يَجُزْ قَبُولُهُ. وَقِيلَ: يَجُوزُ قَبُولُ الزَّمِنِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَإِنْ كَانَ كَسُوبًا يَقُومُ بِكِفَايَةِ نَفْسِهِ اسْتُحِبَّ قَبُولُهُ، إِذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ، ثُمَّ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، بَلْ يُكَاتِبُ عَلَيْهِ فَيَعْتِقُ بِعِتْقِهِ، وَيَرِقُّ بِرِقِّهِ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ.
وَعَنِ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هَذَا غَلَطٌ، وَتَكُونُ نَفَقَتُهُ فِي كَسْبِهِ، وَمَا فَضَلَ فَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ فِي أَدَاءِ النُّجُومِ، فَإِنْ مَرِضَ أَوْ عَجَزَ أَنْفَقَ الْمُكَاتِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَلَاحِ مِلْكِهِ، فَإِنْ جَنَى بِيعَ فِي الْجِنَايَةِ، وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا جَنَى عَبْدُهُ لَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ تَبْقَى لَهُ يَصْرِفُهَا فِي النُّجُومِ.
الْخَامِسَةُ: لَيْسَ لَهُ الشِّرَاءُ بِالْمُحَابَاةِ، وَلَا الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ، وَلَا بِالنَّسِيئَةِ. وَلَوِ اسْتَوْثَقَ بَرْهَنٍ وَكَفِيلٍ، فَلَوْ بَاعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِمِائَةٍ نَقْدًا، أَوْ مِائَةً نَسِيئَةً جَازَ وَلَوِ اشْتَرَى نَسِيئَةً بِثَمَنِ النَّقْدِ جَازَ، وَلَا يَرْهَنُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ الرَّهْنُ.
وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِثَمَنِ نَسِيئَةٍ لَمْ يَجُزْ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّبَرُّعِ، وَذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي «جَمْعِ الْجَوَامِعِ» أَنَّهُ يَجُوزُ إِذْ لَا غَبْنَ.
وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ «الرَّهْنِ» حِكَايَةُ وَجْهٍ أَنَّ الْمُكَاتَبَ كَوَلِيِّ الطِّفْلِ فِي الْبَيْعِ نَسِيئَةً، وَالرَّهْنِ وَالِارْتِهَانِ، وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْفَرْقُ.
السَّادِسَةُ: إِذَا بَاعَ أَوِ اشْتَرَى لَمْ يُسَلِّمْ مَا فِي يَدِهِ حَتَّى يَتَسَلَّمَ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ عَنِ الْمَالِ بِلَا عِوَضٍ نَوْعُ غَرَرٍ، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ السَّلَمُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ، وَانْتِظَارَ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، لَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ سَلَمًا مُؤَجَّلًا.
وَقِيلَ: يَجُوزُ [السَّلَمُ حَالًا، وَيُسَلِّمُ رَأْسَ الْمَالِ، ثُمَّ يَتَسَلَّمُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ فِي الْمَجْلِسِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ] مُطْلَقًا بِشَرْطِ الْغِبْطَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute