خَامِسٌ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ؛ فَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّ عَلَيْهِ تَمَامَ دِيَةِ النَّفْسِ، كَمَنْ حَزَّ رَقَبَةَ إِنْسَانٍ بَعْدَمَا قُطِّعَتْ أَطْرَافُهُ، وَهَذَا عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ قَالَ: الدَّامِغَةُ مُذَفَّفَةٌ.
فَرْعٌ
مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ كَالدَّامِيَةِ وَالْحَارِصَةِ وَالْبَاضِعَةِ وَالْمُتَلَاحِمَةِ لَيْسَ فِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ وَفِي وَاجِبِهَا وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: الْحُكُومَةُ، وَلَا يَبْلُغُ بِحَكُومَتِهَا أَرْشُ مُوضِحَةِ، وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ: إِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَعْرِفَةُ قَدْرِهَا مِنَ الْمُوضِحَةِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ كَانَ عَلَى رَأْسِهِ مُوضِحَةٌ إِذَا قِيسَ بِهَا الْبَاضِعَةُ مَثَلًا، عَرَفَ أَنَّ الْمَقْطُوعَ ثُلْثٌ أَوْ نِصْفٌ فِي عُمْقِ اللَّحْمِ وَجَبَ قِسْطُهُ مَنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ؛ فَإِنْ شَكَكْنَا فِي قَدْرِهَا مِنَ الْمُوضِحَةِ، أَوْجَبْنَا التَّعَيُّنَ، قَالَ الْأَصْحَابُ: وَتُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ الْحُكُومَةُ؛ فَيَجِبُ أَكْثَرُ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْحُكُومَةِ، وَمَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ سَبَبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
الضَّرْبُ الثَّانِي: جِرَاحَاتُ سَائِرِ الْبَدَنِ؛ فَلَيْسَ فِي إِيضَاحِ عِظَامِهِ وَلَا هَشْمِهَا وَلَا تَنْقِيلِهَا أَرْشٌ مُقَدَّرُ النَّوْعِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: الْجَائِفَةُ، وَفِيهَا ثُلْثُ الدِّيَةِ، وَهِيَ الْجِرَاحَةُ الْوَاصِلَةُ إِلَى الْجَوْفِ الْأَعْظَمِ مِنَ الْبَطْنِ أَوِ الصَّدْرِ، أَوْ ثُغْرَةُ النَّحْرِ، أَوِ الْجَنْبَيْنِ، أَوِ الْخَاصِرَةِ، أَوِ الْوِرْكِ، أَوِ الْعِجَانِ إِلَى الشَّرَجِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعِجَانَ مَا بَيْنَ الْفَقْحَةِ وَالْخِصْيَةِ.
وَكَذَا الْجِرَاحَةُ النَّافِذَةُ إِلَى الْحَلْقِ مِنَ الْقَفَا، أَوِ الْجَانِبِ الْمُقْبِلِ مِنَ الرَّقَبَةِ، وَالنَّافِذَةِ مِنَ الْعَانَةِ إِلَى الْمَثَانَةِ، وَفِي النَّافِذَةِ مِنَ الذَّكَرِ إِلَى مَمَرِّ الْبَوْلِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَيْسَتْ بِجَائِفَةٍ.
وَلَوْ نَفَذَتْ إِلَى دَاخِلِ الْفَمِ بِهَشِمِ الْخَدِّ أَوِ اللِّحْيِ، أَوْ بِخَرْقِ الشَّفَةِ، أَوِ الشَّدْقِ، أَوْ إِلَى دَاخِلِ الْأَنْفِ بِهَشِمِ الْقَصَبَةِ، أَوْ بِخَرْقِ الْمَارِنِ؛ فَلَيْسَتْ بِجَائِفَةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute