للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زَيْدٍ أَنَّهُ مَلَكَهُ مُنْذُ سَنَةٍ، وَبَيِّنَةُ عَمْرٍو أَنَّهُ مَلَكَهُ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، فَهَلْ تَتَعَارَضَانِ، أَمْ يُقَدَّمُ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا؟ طَرِيقَانِ، الْمَذْهَبُ التَّقْدِيمُ، وَيَطَّرِدُ الْخِلَافُ فِي بَيِّنَتَيْ شَخْصَيْنِ تَنَازَعَا نِكَاحَ امْرَأَةٍ إِذَا اخْتَلَفَ تَارِيخُهُمَا، وَفِيمَا إِذَا تَعَارَضَتَا مَعَ اخْتِلَافِ التَّارِيخِ لِسَبَبِ الْمِلْكِ، بِأَنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ عَمْرٍو مُنْذُ سَنَتَيْنِ، فَلَوْ نَسَبَا الْعَقْدَيْنِ إِلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَةٍ، وَذَاكَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ زَيْدٍ مُنْذُ سَنَتَيْنِ، فَالسَّابِقُ أَوْلَى بِلَا خِلَافٍ، وَطَرَدُوا الْخِلَافَ أَيْضًا فِيمَا إِذَا تَنَازَعَا أَرْضًا مَزْرُوعَةً، فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا أَرْضُهُ زَرَعَهَا، وَالْآخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الزَّرْعِ تُثْبِتُ الْمِلْكَ مِنْ وَقْتِ الزِّرَاعَةِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ، وَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ سَبْقَ التَّارِيخِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِزَمَانٍ مَعْلُومٍ حَتَّى لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ مَلَكَهُ مُنْذُ سُنَّةٍ، وَبَيِّنَةُ الْآخَرِ أَنَّهُ مَلَكَهُ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَانَ فِيهِ الْخِلَافُ، فَإِنْ رَجَّحْنَا بِسَبْقِ التَّارِيخِ، حَكَمْنَا بِهَا لِصَاحِبِ السَّبْقِ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ وَالزِّيَادَاتُ الْحَادِثَةُ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَإِنْ لَمْ نُرَجِّحْ بِهِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي أَصْلِ التَّعَارُضِ، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهَا مُؤَرَّخَةً، وَالْأُخْرَى مُطْلَقَةً، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فَتَتَعَارَضَانِ، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْمُؤَرَّخَةُ. وَلَوْ تَنَازَعَا دَابَّةً، فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ، وَهُوَ الَّذِي نَتَجَهَا، قَالَ الْأَكْثَرُونَ: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ فِي سَبْقِ التَّارِيخِ، وَطَرَدُوهُ فِي كُلِّ بَيِّنَتَيْنِ أَطْلَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْمِلْكَ، وَنَصَّتِ الْأُخْرَى عَلَى سَبَبِهِ مِنْ إِرْثٍ وَشِرَاءٍ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النِّتَاجِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ ابْتِدَاءَ الْمِلْكِ لَهُ، وَالَّتِي سَبَقَ تَارِيخُهَا لَا تُثْبِتُ ابْتِدَاءَ مِلْكِهِ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي اطِّرَادَ الطَّرِيقَيْنِ فِيمَا لَوْ تَنَازَعَا ثَمَرَةً وَحِنْطَةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>