للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالشَّهَادَةِ عَلَى الْعَدُوِّ. وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي قَائِفًا، فَهَلْ يَقْضِي بِعِلْمِهِ؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُجَرَّبًا. وَكَيْفِيَّةُ التَّجْرِبَةِ: أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ، ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ، ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ، فَإِذَا أَصَابَ فِي الْكُلِّ، صَارَ مُجَرَّبًا، وَقُبِلَ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَهَلْ تَخْتَصُّ التَّجْرِبَةُ بِالْأُمِّ، أَمْ يَجُوزُ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ الْمَوْلُودُ مَعَ أَبِيهِ فِي رِجَالٍ؟ وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ: الثَّانِي، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ، لَكِنَّ الْعَرْضَ مَعَ الْأُمِّ أَوْلَى. وَأَمَّا تَكْرَارُ الْعَرْضِ ثَلَاثًا، فَقَدْ جَعَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَصْحَابُهُ شَرْطًا. وَقِيلَ: يَكْفِي مَرَّةً، وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الثَّلَاثِ، بَلِ الْمُعْتَبَرُ غَلَبَةُ الظَّنِّ، بِأَقْوَالِهِ عَنْ خِبْرَةٍ لَا عَنِ اتِّفَاقٍ، وَهَذَا قَدْ يَحْصُلُ بِدُونِ الثَّلَاثَةِ. وَإِذَا حَصَلَتِ التَّجْرِبَةُ، اعْتَمَدْنَا إِلْحَاقَهُ، وَلَا تُجَدَّدُ التَّجْرِبَةُ لِكُلِّ إِلْحَاقٍ.

الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْوَلَدُ الْمُلْحَقُ، وَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَنَازَعَ اثْنَانِ مَوْلُودًا مَجْهُولًا مِنْ لَقِيطٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَيُعْرَضَ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا سَبَقَ فِي اللَّقِيطِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِكَ اثْنَانِ فَأَكْثَرَ فِي وَطْءِ امْرَأَةٍ، فَتَأْتِي بِوَلَدٍ لِزَمَانٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا، وَيَدَّعِيهِ كُلٌّ مِنْهُمَا فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ. وَيُتَصَوَّرُ الِاشْتِرَاكُ فِي الْوَطْءِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مِنْ وُجُوهٍ. مِنْهَا: أَنْ يَطَأَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا بِالشُّبْهَةِ بِأَنْ يَجِدَهَا بِفِرَاشِهِ، فَيَظُنَّهَا زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ، فَلَوْ كَانَتْ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ، فَوَجْهَانِ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ: يُلْحَقُ الْوَلَدُ بِالزَّوْجِ ; لِأَنَّهَا فِرَاشُهُ، وَالْفِرَاشُ أَقْوَى مِنَ الشُّبْهَةِ، كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَنُكِحَتْ، وَوَلَدَتْ تُلْحَقُ بِالثَّانِي وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنَ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّهَا فِرَاشُ الثَّانِي، وَالْأَصَحُّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ قَطَعَ الْإِمَامُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>