للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدَّعِيَ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَرِفَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْيَدِ، فَطَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ: الْمَوْضِعُ الْفُلَانِيُّ مِلْكِي، وَهَذَا يَمْنَعُنِي مِنْهُ تَعَدِّيًا، فَمُرْهُ يُمَكِّنِّي مِنْهُ. وَأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ الْكَلْبَ وَلَغَ فِي هَذَا الْإِنَاءِ وَلَمْ يَلِغْ فِي ذَاكَ وَآخَرَانِ بِضِدِّهِ، تَعَارَضَتَا، فَلَوْ لَمْ يَقُولُوا: لَمْ يَلِغْ فِي ذَلِكَ فَالْإِنَاءَانِ نَجِسَانِ، وَهَذَا شَهَادَةٌ عَلَى إِثْبَاتٍ وَنَفْيٍ، وَيُمْكِنُ التَّعَارُضُ بِلَا نَفْيٍ، بِأَنْ يُعَيِّنَا وَقْتًا لَا يُمْكِنُ فِيهِ إِلَّا وُلُوغٌ وَاحِدٌ.

قُلْتُ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرْتُهَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ مُسْتَوْفَاةً مُخْتَصَرَةً، وَفِي هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ فِيهَا مِنْ إِثْبَاتِ التَّعَارُضِ تَصْرِيحٌ بِقَبُولِ شَهَادَةِ النَّفْيِ فِي الْمَحْصُورِ كَمَا سَبَقَ قَرِيبًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْبَابُ السَّابِعُ فِي دَعْوَى النَّسَبِ وَإِلْحَاقِ الْقَائِفِ:

مَقْصُودُ الْبَابِ الْكَلَامُ فِي الْقَائِفِ وَشَرْطُهُ. أَمَّا الِاسْتِلْحَاقُ وَشُرُوطُهُ فَسَبَقَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَاللَّقِيطِ. وَفِي الْبَابِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: الْأَوَّلُ: الْمُسْتَلْحَقُ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ اللَّقِيطِ أَنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ وَالْعَتِيقِ دُونَ الْمَرْأَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَسَبَقَ هُنَاكَ جُمَلٌ مِنْ أَرْكَانِهِ.

الرُّكْنُ الثَّانِي: الْمُلْحِقُ، وَهُوَ الْقَائِفُ، وَلْيَكُنْ فِيهِ صِفَاتٌ بَعْضُهَا وَاجِبٌ قَطْعًا، وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ، فَيَكُونُ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا عَدْلًا، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ حُرِّيَّتِهِ وَذُكُورَتِهِ، وَأَنَّهُ يَكْفِي وَاحِدٌ، وَنُصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ اثْنَانِ. وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِنْ مُدْلِجٍ، بَلْ يَجُوزُ مِنْ سَائِرِ الْعَرَبِ وَمِنَ الْعَجَمِ. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَعْمَى، وَلَا أَخْرَسَ، قَالَ: وَلَوْ كَانَ ابْنَ أَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ، فَأَلْحَقَهُ بِغَيْرِ أَبِيهِ، قُبِلَ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ، لَمْ يُقْبَلْ. وَلَوْ كَانَ عَدُوَّ أَحَدِهِمَا، فَأَلْحَقَهُ بِهِ، قُبِلَ. وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْآخَرِ، فَلَا ; لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>