الْفَسْخُ، أَمْ لَا يُفْسَخُ حَتَّى يُبْعَثَ إِلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ، وَلَمْ يَبْعَثِ النَّفَقَةَ، فَحِينَئِذٍ يُفْسَخُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي. وَلَوْ كَانَ الرَّجُلُ حَاضِرًا، وَمَالُهُ غَائِبٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَلَا فَسْخَ، وَيُؤْمَرُ بِتَعْجِيلِ الْإِحْضَارِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ، فَلَهَا الْفَسْخُ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ. وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، فَلَهَا الْفَسْخُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَرِيبًا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُضْبَطَ الْقُرْبُ بِمُدَّةِ إِحْضَارِ الْمَالِ الْغَائِبِ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ. وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَهُوَ عَلَى مُعْسِرٍ، فَلَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مُوسِرٍ حَاضِرٍ، فَلَا خِيَارَ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَوَجْهَانِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَأَمَرَهَا بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُوسِرَةً، فَلَا خِيَارَ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً، فَلَهَا الْفَسْخُ، لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ إِلَى حَقِّهَا، وَالْمُعْسِرُ مُنْظَرٌ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذِهِ الصُّوَرِ لَوْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ وَنَحْوُهُ لَا يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا الْخِيَارُ، وَمَنْ عَلَيْهِ دُيُونٌ تَسْتَغْرِقُ مَالَهُ لَا خِيَارَ لِزَوْجَتِهِ حَتَّى يَصْرِفَ مَالَهُ إِلَى الدُّيُونِ.
لَوْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِأَدَاءِ النَّفَقَةِ عَنِ الْمُعْسِرِ، لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ، وَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى إِنْسَانٍ فَتَبَرَّعَ غَيْرُهُ بِقَضَائِهِ، لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ، لِأَنَّ فِيهِ مِنَّةً لِلْمُتَبَرِّعِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا؛ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا، لِعَدَمِ تَضَرُّرِهَا بِفَوَاتِ النَّفَقَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَوْ كَانَ بِالنَّفَقَةِ ضَامِنٌ، وَلَمْ نُصَحِّحْ ضَمَانَ النَّفَقَةِ فَالضَّامِنُ كَالْمُتَبَرِّعِ، وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ، فَإِنْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الزَّوْجِ، فَلَا خِيَارَ، وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ وَجْهَانِ.
فَرْعٌ
لَوْ لَمْ يُعْطِهَا الْمُوسِرُ إِلَّا نَفَقَةَ الْمُعْسِرِ، فَلَا فَسْخَ، وَيَصِيرُ الْبَاقِي دَيْنًا عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute