للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ

فِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ:

الْأَوَّلُ: فِي ثُبُوتِ الْفَسْخِ بِهِ، فَإِذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنِ الْقِيَامِ بِمُؤَنِ الزَّوْجَةِ الْمُوَظَّفَةِ عَلَيْهِ، فَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي كُتُبِهِ قَدِيمًا وَجَدِيدًا أَنَّهَا بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَتْ صَبَرَتْ، وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا، أَوِ اقْتَرَضَتْ، وَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَنَفَقَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يُوسِرَ، وَإِنْ شَاءَتْ طَلَبَتْ فَسْخَ النِّكَاحِ، وَقَالَ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا: وَقَدْ قِيلَ: لَا خِيَارَ لَهَا. وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِأَنَّ لَهَا حَقَّ الْفَسْخِ، وَهَذَا أَرْجَحُ عِنْدَ ابْنِ كَجٍّ وَالرُّويَانِيِّ، وَأَصَحُّهُمَا: إِثْبَاتُ قَوْلَيْنِ، الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَالثَّانِي: لَا. فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْفَسْخِ، فَأَمَّا إِذَا امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ النَّفَقَةِ مَعَ قُدْرَتِهِ فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَهَا الْفَسْخُ لِتَضَرُّرِهَا، وَأَصَحُّهُمَا: لَا فَسْخَ لِتَمَكُّنِهَا مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالسُّلْطَانِ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَتْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، أَوْ غَابَ وَهُوَ مُوسِرٌ فِي غَيْبَتِهِ، وَلَا يُوَفِّيهَا حَقَّهَا، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا فَسْخَ وَكَانَ الْمُؤْثَرُ تَغَيُّبُهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ، وَلَكِنْ يَبْعَثُ الْحَاكِمُ إِلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ، لِيُطَالِبَهُ إِنْ كَانَ مَوْضِعَهُ مَعْلُومًا، وَعَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ: يَجُوزُ الْفَسْخُ إِذَا تَعَذَّرَ تَحْصِيلُهَا، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَإِلَيْهِ مَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَذَكَرَ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ أُخْتِهِ صَاحِبُ «الْعُدَّةِ» أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الْفَتْوَى بِهِ، وَإِذَا لَمْ نُجَوِّزِ الْفَسْخَ، وَالْغَائِبُ مُوسِرٌ، فَجَهِلْنَا يَسَارَهُ وَإِعْسَارَهُ، فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ، لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَتَحَقَّقْ، وَمَتَى ثَبَتَ إِعْسَارُ الْغَائِبِ عِنْدَ حَاكِمِ بَلَدِهَا، فَهَلْ يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>