اللَّفْظِ الصَّرِيحِ بِهِمَا. وَالثَّانِي: الْوَاجِبُ أَلْفٌ عَمَلًا بِاصْطِلَاحِهِمَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: إِثْبَاتُ قَوْلَيْنِ مَهْمَا اتَّفَقُوا عَلَى أَلْفٍ وَجَرَى الْعَقْدُ بِأَلْفَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلتَّعْبِيرِ عَنْ أَلْفٍ بِأَلْفَيْنِ اكْتِفَاءً بِقَصْدِهِمْ. قَالَ الْإِمَامُ: وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَجْرِي الْأَحْكَامُ الْمُتَلَقَّاةُ مِنَ الْأَلْفَاظِ. فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ: إِذَا قُلْتُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، لَمْ أُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ، وَإِنَّمَا غَرَضِي أَنْ تَقُومِي وَتَقْعُدِي، وَأُرِيدُ بِالثَّلَاثِ وَاحِدَةً، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ. وَفِي وَجْهٍ: الِاعْتِبَارُ بِمَا تَوَاضَعَا عَلَيْهِ.
ثُمَّ مَا الْمَعْنَى بِمَا أَطْلَقْنَاهُ فِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الِاتِّفَاقِ فِي السِّرِّ، أَهْوَ مُجَرَّدُ التَّرَاضِي وَالتَّوَاعُدِ؟ أَمِ الْمُرَادُ مَا إِذَا جَرَى الْعَقْدُ بِأَلْفٍ فِي السِّرِّ ثُمَّ عَقَدُوا بِأَلْفَيْنِ فِي الْعَلَانِيَةِ؟ مِنْهُمْ مَنْ يُشْعِرُ كَلَامُهُ بِالْأَوَّلِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ إِثْبَاتُ الْقَوْلَيْنِ وَإِنْ جَرَى الْعَقْدَانِ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا، أَنَّ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ كَالْمَشْرُوطِ فِي الْعَقْدِ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا التَّخْرِيجِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ: تَنْزِيلُ النَّصَّيْنِ عَلَى حَالَيْنِ، فَحَيْثُ قَالَ: الْمَهْرُ مَهْرُ السِّرِّ، أَرَادَ إِذَا عَقَدَ فِي السِّرِّ بِأَلْفٍ، ثُمَّ أَتَوْا بِلَفْظِ الْعَقْدِ فِي الْعَلَانِيَةِ بِأَلْفَيْنِ تَحَمُّلًا وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى بَقَاءِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ. وَحَيْثُ قَالَ: الْمَهْرُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ، أَرَادَ إِذَا تَوَاعَدُوا أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ أَلْفًا، وَلَمْ يُعْقَدْ فِي السِّرِّ ثُمَّ عَقَدُوا فِي الْعَلَانِيَةِ، فَالْمَهْرُ مَهْرُ الْعَلَانِيَةِ لِأَنَّهُ الْعَقْدُ.
وَنَقَلَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصًّا ثَالِثًا، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَفْسُدُ الْمُسَمَّى، وَحَمَلُوهُ عَلَى مَا إِذَا جَرَى الْعَقْدُ بِأَلْفَيْنِ عَلَى أَنْ يُكْتَفَى بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَلْزَمَهُ إِلَّا أَدَاءُ أَلْفٍ. وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ تُوَافُقُ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ، وَقَدْ يُحْتَاجُ إِلَى مُسَاعَدَةِ الْمَرْأَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute