للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَاضِرِ، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ: إِنْ بَانَ هَلَاكُ الْغَائِبِ تَبَيَّنَّا نُفُوذَ تَصَرُّفِهِمْ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى وَقْفِ الْعُقُودِ.

قُلْتُ: بَلْ يَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

قَالَ السَّرَخْسِيُّ: وَإِنْ سَلِمَ وَعَادَ إِلَيْهِمْ، تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ التَّصَرُّفِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: يُمْضَى عَلَى الصِّحَّةِ، وَيَغْرَمُ لِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثَيْنِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ، أَوْ دَبَّرَهُ، وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ فَفِي نُفُوذِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي ثُلُثِهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْوَصِيَّةِ. كَذَا ذَكَرُوهُ، وَقَدْ يُسْتَبْعَدُ التَّرَدُّدُ فِي الْعِتْقِ فِي الثُّلُثِ، فَإِنَّهُ حُرٌّ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ. بَلِ الْوَجْهُ: الْجَزْمُ بِحُصُولِ الْمِلْكِ فِي الثُّلُثِ، وَفِي الْوَصِيَّةِ أَيْضًا. وَرُدَّ الْخِلَافُ إِلَى أَنَّهُ هَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، أَمْ يُمْنَعُ [مِنَ] التَّصَرُّفِ إِلَى أَنْ يَتَسَلَّطَ الْوَارِثُ عَلَى مِثْلَيْهِ؟ .

الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الصِّيغَةُ، فَنَتَكَلَّمُ فِي طَرَفِ الْإِيجَابِ، ثُمَّ طَرَفِ الْقَبُولِ، أَمَّا الْإِيجَابُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، بِأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا، أَوْ أَعْطُوهُ، أَوِ ادْفَعُوا إِلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِي كَذَا، أَوْ هُوَ لَهُ، أَوْ جَعَلْتُهُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي، أَوْ مَلَّكْتُهُ، أَوْ وَهَبْتُهُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي. أَمَّا إِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: وَهَبْتُهُ لَهُ، وَنَوَى الْوَصِيَّةَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَنْفِيذُهُ فِي مَوْضُوعِهِ الصَّرِيحِ، وَهُوَ التَّمْلِيكُ النَّاجِزُ. وَلَوْ قَالَ: هَذَا لَهُ، فَهُوَ إِقْرَارٌ يُؤَاخَذُ بِهِ، وَلَا يُجْعَلُ كِنَايَةً عَنِ الْوَصِيَّةِ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ: هُوَ لَهُ مِنْ مَالِي، أَوْ يَقُولَ: عَبْدِي هَذَا لِفُلَانٍ، فَيَصِحُّ كِنَايَةً عَنِ الْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ إِقْرَارًا. وَلَوْ قَالَ: عَيَّنْتُهُ لَهُ، فَهَذَا كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّعْيِينَ لِلتَّمْلِيكِ بِالْوَصِيَّةِ، وَالتَّعْيِينَ لِلْإِعَارَةِ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْكِتَابَةِ مَعَ النِّيَّةِ بِلَا خِلَافٍ، لِمَا سَبَقَ فِي «كِتَابِ الْبَيْعِ» : أَنَّ مَا يُقْبَلُ مَقْصُودُهُ التَّعْلِيقُ بِالْإِغْرَارِ، كَالْكِتَابَةِ، وَالْخَلْعِ، يَنْعَقِدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>