أَصْنَافُ الزَّكَاةِ ثَمَانِيَةٌ.
الْأَوَّلُ: الْفَقِيرُ، وَهُوَ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ وَلَا كَسْبَ، يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ، فَالَّذِي لَا يَقَعُ مَوْقِعًا، كَمَنْ يَحْتَاجُ عَشَرَةً وَلَا يَمْلِكُ إِلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، فَلَا يَسْلُبُهُ ذَلِكَ اسْمَ الْفَقِيرِ.
وَكَذَا الدَّارُ الَّتِي يَسْكُنُهَا، وَالثَّوْبُ الَّذِي يَلْبَسُهُ مُتَجَمِّلًا بِهِ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» وَغَيْرُهُ. وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِعَبْدِهِ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلَى خِدْمَتِهِ، وَهُوَ فِي سَائِرِ الْأُمُورِ مُلْحَقٌ بِالْمَسْكَنِ.
قُلْتُ: قَدْ صَرَّحَ ابْنُ كَجٍّ فِي كِتَابِهِ «التَّجْرِيدِ» : بِأَنَّهُ كَالْمَسْكَنِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: الْقَدْرُ الَّذِي يُؤَدَّى بِهِ الدَّيْنُ لَا عِبْرَةَ بِهِ فِي مَنْعِ الِاسْتِحْقَاقِ، كَمَا لَا عِبْرَةَ لَهُ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَكَذَا فِي الْفِطْرَةِ كَمَا سَبَقَ.
وَفِي فَتَاوَى صَاحِبِ «التَّهْذِيبِ» : أَنَّهُ لَا يُعْطَى سَهْمُ الْفُقَرَاءِ حَتَّى يُصْرَفَ مَا عِنْدَهُ إِلَى الدَّيْنِ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَخْذُ الزَّكَاةِ - لِمَنْ مَالُهُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ - إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى مَالِهِ. وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، فَلَهُ أَخْذُ كِفَايَتِهِ إِلَى حُلُولِ الْأَجَلِ. وَقَدْ يَتَرَدَّدُ النَّاظِرُ فِي اشْتِرَاطِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
فَرْعٌ
الْمُعْتَبَرُ فِي عَجْزِهِ عَنِ الْكَسْبِ، عَجْزُهُ عَنْ كَسْبٍ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ حَاجَتِهِ، لَا عَنْ أَصْلِ الْكَسْبِ. وَالْمُعْتَبَرُ كَسْبٌ يَلِيقُ بِحَالِهِ وَمُرُوءَتِهِ.
وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ، إِلَّا أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ بِبَعْضِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَوْ أَقْبَلَ عَلَى الْكَسْبِ، لَانْقَطَعَ عَنِ التَّحْصِيلِ، حَلَّتْ لَهُ الزَّكَاةُ. أَمَّا الْمُعَطَّلُ الْمُعْتَكِفُ فِي الْمَدْرَسَةِ، وَمَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ التَّحْصِيلُ، فَلَا تَحِلُّ لَهُمَا الزَّكَاةُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute