للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْتُ: هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمُشْتَغِلِ بِالْعِلْمِ، هُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا. وَذَكَرَ الدَّارِمِيُّ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: يَسْتَحِقُّ، وَالثَّانِي: لَا، وَالثَّالِثُ: إِنْ كَانَ نَجِيبًا يُرْجَى تَفَقُّهُهُ وَنَفْعُ النَّاسِ بِهِ، اسْتَحَقَّ، وَإِلَّا، فَلَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَمَنْ أَقْبَلَ عَلَى نَوَافِلِ الْعِبَادَاتِ، وَالْكَسْبُ يَمْنَعُهُ مِنْهَا، أَوِ اسْتِغْرَاقِ الْوَقْتِ بِهَا، لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْكَسُوبُ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُ، حَلَّتِ الزَّكَاةُ لَهُ.

فَرْعٌ

لَا يُشْتَرَطُ فِي الْفَقْرِ الزَّمَانَةُ وَالتَّعَفُّفُ عَنِ السُّؤَالِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُعْتَبِرُونَ. وَقِيلَ: قَوْلَانِ. الْجَدِيدُ: كَذَلِكَ، وَالْقَدِيمُ: يُشْتَرَطُ.

فَرْعٌ

الْمَكْفِيُّ بِنَفَقَةِ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ، مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَالْفَقِيرَةُ الَّتِي يُنْفِقُ عَلَيْهَا زَوْجٌ غَنِيٌّ، هَلْ يُعْطَيَانِ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ؟ يُبْنَى عَلَى مَسْأَلَةٍ، وَهِيَ لَوْ وَقَفَ عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ، أَوْ أَوْصَى لَهُمْ، وَكَانَا فِي أَقَارِبِهِ، هَلْ يَسْتَحِقَّانِ سَهْمًا مِنَ الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ.

أَصَحُّهَا: لَا، قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَالْخُضَرِيُّ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَغَيْرُهُ، وَالثَّانِي: نَعَمْ، قَالَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَالثَّالِثُ: يَسْتَحِقُّ الْقَرِيبُ دُونَ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ عِوَضَهَا، وَتَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ، قَالَهُ الْأَوْدَنِيُّ، وَالرَّابِعُ: عَكْسُهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَرِيبَ تَلْزَمُ كِفَايَتُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، حَتَّى الدَّوَاءِ وَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ، فَانْدَفَعَتْ حَاجَاتُهُ، وَالزَّوْجَةُ لَيْسَ لَهَا إِلَّا مُقَدَّرٌ، وَرُبَّمَا لَا يَكْفِيهَا.

وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الزَّكَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا حَقَّ لَهُمَا فِي الْوَقْفِ وَالْوَصِيَّةِ، فَالزَّكَاةُ أَوْلَى، وَإِلَّا فَيُعْطَيَانِ عَلَى الْأَصَحِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>