للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: لَا يُعْطَيَانِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الْوَقْفِ، بِاسْمِ الْفَقْرِ، وَلَا يَزُولُ اسْمُ الْفَقْرِ بِقِيَامِ غَيْرِهِ بِأَمْرِهِ.

وَفِي الزَّكَاةِ الْحَاجَةُ، وَلَا حَاجَةَ مَعَ تَوَجُّهِ النَّفَقَةِ، فَأَشْبَهَ مَنْ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ كِفَايَتَهُ، حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مِنَ الزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ مَعْدُودًا فِي الْفُقَرَاءِ.

وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الْقَرِيبِ إِذَا أَعْطَاهُ غَيْرُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ غَيْرِهِمَا بِلَا خِلَافٍ.

وَأَمَّا الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، لِغِنَاهُ بِنَفَقَتِهِ، وَلِأَنَّهُ يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ النَّفَقَةَ، وَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِ، وَالْغَارِمِ، وَالْغَازِي، وَالْمُكَاتَبِ، إِذَا كَانَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ، وَكَذَا مِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا، فَلَا يُعْطِيهِ، لِأَنَّهُ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْ نَفْسِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ سَهْمِ ابْنِ السَّبِيلِ مُؤْنَةَ السَّفَرِ دُونَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ سَفَرًا وَحَضَرًا، فَإِنَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ، فَالْوَجْهَانِ يَجْرِيَانِ فِي الزَّوْجِ كَغَيْرِهِ، لِأَنَّهُ بِالصَّرْفِ إِلَيْهَا لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ النَّفَقَةَ، بَلْ نَفَقَتُهَا عِوَضٌ لَازِمٌ، غَنِيَّةً كَانَتْ أَمْ فَقِيرَةً، فَصَارَ كَمَنِ اسْتَأْجَرَ فَقِيرًا، فَلَهُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إِلَيْهِ مَعَ الْأُجْرَةِ.

فَإِنْ مَنَعْنَا، فَلَوْ كَانَتْ نَاشِزَةً، فَفِي «التَّهْذِيبِ» . أَنَّهُ يَجُوزُ إِعْطَاؤُهَا، لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا.

وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَكْثَرُونَ: الْمَنْعُ، لِأَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى النَّفَقَةِ بِتَرْكِ النُّشُوزِ، فَأَشْبَهَتِ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ. وَلِلزَّوْجِ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ سَهْمِ الْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ قَطْعًا، وَمِنْ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَبِهِ قُطِعَ فِي «التَّتِمَّةِ» . .

وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمُؤَلَّفَةِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ عَامِلَةً وَلَا غَازِيَةً. وَأَمَّا سَهْمُ ابْنِ السَّبِيلِ، فَإِنْ سَافَرَتْ مَعَ الزَّوْجِ، لَمْ تُعْطَ مِنْهُ، سَوَاءٌ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ، لِأَنَّهَا فِي قَبْضَتِهِ، وَلَا تُعْطَى مُؤْنَةَ السَّفَرِ إِنْ سَافَرَتْ مَعَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، لِأَنَّهَا عَاصِيَةٌ.

قُلْتُ: قَالَ أَصْحَابُنَا: مُؤْنَةُ سَفَرِهَا مَعَهُ إِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ، فَهِيَ عَلَيْهِ، فَلَا تُعْطَى،

<<  <  ج: ص:  >  >>