فَعَفْوُ الْوَلِيِّ عَنِ الْقَطْعِ لَا يُسْقِطُ حَزَّ الرَّقَبَةِ، وَكَذَا عَفْوُهُ عَنِ النَّفْسِ لَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ.
السَّابِعَةُ: إِذَا قَتَلَ رَجُلًا بِالْقَطْعِ السَّارِي، فَقَطَعَهُ الْوَلِيُّ، ثُمَّ عَفَا عَنِ النَّفْسِ مَجَّانًا، فَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ، بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ، وَإِنْ وَقَفَ، صَحَّ الْعَفْوُ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ لِقِطَعِ الْيَدِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَ قَتْلُهُ بِغَيْرِ الْقَطْعِ، وَقَطَعَ الْوَلِيُّ يَدَهُ مُتَعَدِّيًا، ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ رَمَى الْوَلِيُّ إِلَى الْجَانِي ثُمَّ عَفَا عَنْهُ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، فَفِي نُفُوذِهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَنْفُذُ لِخُرُوجِ الْأَمْرِ عَنِ اخْتِيَارِهِ، وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ كَقَطْعِ الْيَدِ، فَإِنْ لَمْ يُصِبِ السَّهْمَ، فَالْعَفْوُ صَحِيحٌ مُفِيدٌ، وَإِنْ أَصَابَهُ وَقَتَلَهُ، تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ الْعَفْوِ، وَفِي وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَافِي وَجْهَانِ سَبَقَا فِي بَابِ تَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الْجَرْحِ وَالْمَوْتِ، أَصَحُّهُمَا: الْوُجُوبُ، لِأَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ عِنْدَ الْإِصَابَةِ.
الثَّامِنَةُ: قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، أَوْ يَدَ ذِمِّيٍّ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمَقْطُوعُ، ثُمَّ مَاتَ بِالسِّرَايَةِ، فَلِلْوَلِيِّ الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ، فَإِنْ عَفَا عَلَى مَالٍ، فَهَلْ لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، أَمْ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي، لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ دِيَةَ مُسْلِمٍ سَقَطَ مِنْهَا مَا اسْتَوْفَاهُ وَهُوَ يَدُ ذِمِّيٍّ بِسُدُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ، وَلَوْ قَطَعَ ذِمِّيٌّ يَدَ مُسْلِمٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهُ، وَمَاتَ الْمُسْلِمُ بِالسِّرَايَةِ، فَعَفَا الْوَلِيُّ، فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا شَيْءَ لَهُ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَهُ ثُلُثَا دِيَةِ الْمُسْلِمِ، لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا يُقَابِلُ ثُلُثَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.
وَلَوْ قَطَعَتِ امْرَأَةٌ يَدَ رَجُلٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهَا، ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ بِالسِّرَايَةِ، وَعَفَا الْوَلِيُّ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ، ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا، وَلَوْ قَطَعَتِ الْمَرْأَةُ يَدَيْ رَجُلٍ، فَاقْتُصَّ مِنْهَا، ثُمَّ مَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ، وَعَفَا الْوَلِيُّ، فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ، لَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute