للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَا يَزُولُ مِلْكُ الْحَرْبِيِّ عَنْهُ، وَإِذَا سَبَاهُ الْمُسْلِمُونَ، كَانَ عَبْدًا مُسْلِمًا، وَلَا يَجُوزُ الْمَنُّ عَلَيْهِ، وَيُسْتَرَقُ، وَلَوْلَا أَنَّهُ مَالٌ يُخْلَى سَبِيلُهُ، كَالْحُرِّ، وَلَمَا جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ، هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ، وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِمَامِ قَتْلُ الْعَبِيدِ، وَلَا الْمَنُّ عَلَيْهِمْ، وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى هَذَا، وَفِي «الْمُهَذَّبِ» أَنَّهُ لَوْ رَأَى الْإِمَامُ قَتْلَهُ لِشَرِّهِ وَقُوَّتِهِ، قَتَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِلْغَانِمِينَ، وَأَمَّا الرِّجَالُ الْأَحْرَارُ الْكَامِلُونَ إِذَا أُسِرُوا، فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ صَبْرًا بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ، لَا بِتَحْرِيقٍ وَتَغْرِيقٍ، وَلَا يُمَثِّلُ بِهِمْ، أَوْ يَمُنُّ عَلَيْهِمْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ، أَوْ يُفَادِيهِمْ بِالرِّجَالِ، أَوْ بِالْمَالِ، أَوْ يَسْتَرِقُّهُمْ، وَيَكُونُ مَالُ الْفِدَاءِ وَرِقَابُهُمْ إِذَا اسْتُرِقُّوا، كَسَائِرِ أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ، وَلَيْسَ هَذَا التَّخْيِيرُ لِلتَّشَهِّي، بَلْ يَلْزَمُ الْإِمَامُ أَنَّ يَجْتَهِدَ وَيَفْعَلَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ مَا هُوَ الْحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ وَجْهُ الصَّوَابِ فِي الْحَالِ وَتَرَدَّدَ، حَبَسَهُمْ حَتَّى يَظْهَرَ، وَسَوَاءٌ فِي الِاسْتِرْقَاقِ كَانَ الْأَسِيرُ كِتَابِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا، وَقَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ: يَحْرُمُ اسْتِرْقَاقُ الْوَثَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَافِرُ مِنَ الْعَرَبِ، أَوْ غَيْرِهِمْ عَلَى الْجَدِيدِ الْمَشْهُورِ، وَفِي الْقَدِيمِ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ الْعَرَبِ، وَهَلْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُ بَعْضِ شَخْصٍ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، فَضَرْبُ الرِّقِّ عَلَى بَعْضِهِ، رِقٌّ كُلُّهُ، وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَرِقُّ شَيْءٌ، وَإِذَا اخْتَارَ الْفِدَاءَ، جَازَ بِالْمَالِ سِلَاحًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، وَيَجُوزُ بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ، فَيَرُدُّ مُشْرِكًا بِمُسْلِمٍ، أَوْ مُسْلِمَيْنِ، أَوْ مُشْرِكَيْنِ بِمُسْلِمٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَفْدِيَهُمْ بِأَسْلِحَتِنَا الَّتِي فِي أَيْدِيهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ أَسْلِحَتَهُمُ الَّتِي فِي أَيْدِينَا بِمَالٍ يَبْذُلُونَهُ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُمُ السِّلَاحَ، وَفِي جَوَازِ رَدِّهَا بِأُسَارَى الْمُسْلِمِينَ وَجْهَانِ.

فَرْعٌ

لَوْ قَتَلَ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ الْأَسِيرَ قَبْلَ أَنْ يَرَى الْإِمَامُ رَأْيَهُ فِيهِ، عُزِّرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>