وَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لَا أَمَانَ لَهُ وَهُوَ حُرٌّ إِلَى أَنْ يُسْتَرَقَّ، وَلِذَلِكَ يَجُوزُ أَنْ يُخْلَى سَبِيلُهُ، وَالْأَمْوَالُ لَا تُرَدُّ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الِاغْتِنَامِ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْأَسْرِ صَبِيٌّ أَوِ امْرَأَةٌ، فَقِيلَ: وَجَبَتِ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَالًا بِنَفْسِ الْأَسْرِ، ثُمَّ إِنْ سُبِيَ الصَّبِيُّ وَحْدَهُ، فَهُوَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِلسَّابِي، فَفِيهِ قِيمَةُ عَبْدٍ مُسْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ قَاتِلُهُ عَبْدًا، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ.
فَرْعٌ
لَوْ أُسِرَ بَالِغٌ لَهُ زَوْجَةٌ، لَمْ يَنْفَسِخْ عَقْدُ نِكَاحِهِ بِالْأَسْرِ، فَإِنْ فَادَاهُ الْإِمَامُ، أَوْ مَنَّ عَلَيْهِ، اسْتَمَرَّتِ الزَّوْجِيَّةُ، وَإِنِ اسْتَرَقَّهُ، ارْتَفَعَ النِّكَاحُ حِينَئِذٍ، وَإِنْ أُسِرَ صَبِيٌّ لَهُ زَوْجَةٌ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ بِنَفْسِ أَسْرِهِ.
لَوْ أُسِرَ كَافِرٌ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ وَصِبْيَانُهُ، يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ دُونَهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ وَهُوَ رَجُلٌ حُرٌّ مُكَلَّفٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ شَيْئًا، عُصِمَ دَمُهُ، وَهَلْ يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ، أَصَحُّهُمَا: عَلَى قَوْلَيْنِ، أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّهُ أَسِيرٌ مُحَرَّمُ الْقَتْلِ فَأَشْبَهَ الصَّبِيَّ، وَأَظْهَرُهُمَا: لَا يُرَقُّ، بَلْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ، أَوْ يَمُنَّ، أَوْ يُفَادِيَ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالتَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا، فَلَا يَزُولُ، فَإِنِ اخْتَارَ الْفِدَاءَ، فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِمْ عِزٌّ أَوْ عَشِيرَةٌ يُسَلِّمُ بِهَا دِيَتَهُ وَنَفْسَهُ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا: يَرِقُّ، أَوْ يَجُوزُ إِرْقَاقُهُ، فَأَرَقَّهُ، كَانَ غَنِيمَةً، وَكَذَا لَوْ فَادَاهُ بِمَالٍ، كَانَ غَنِيمَةً، وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَسْرِهِ وَالظَّفَرِ بِهِ، عَصَمَ دَمَهُ وَمَالَهُ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ وَهُوَ مَحْصُورٌ وَقَدْ قَرُبَ الْفَتْحُ، أَوْ أَسْلَمَ فِي حَالِ أَمْنِهِ، وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوِ الْإِسْلَامِ، وَيَعْصِمُ أَيْضًا أَوْلَادَهُ الصِّغَارَ عَنِ السَّبْيِ، وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِمْ تَبَعًا لَهُ، وَالْحَمْلُ كَالْمُنْفَصِلِ، فَلَا يَسْتَرِقُّ تَبَعًا لِأُمِّهِ، وَهَلْ يَعْصِمُ إِسْلَامُ الْجَدِّ وَلَدَ ابْنِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute