للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُصْرَفُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُرَدُّ، فَإِنْ كَانَ فِي يَدِ أَمِينٍ نُظِرَ إِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ بِشُرُوطِ الْقَضَاءِ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ دُفِعَ إِلَيْهِ لِيَصْرِفَهُ فِيهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاضٍ بِشَرْطِهِ صَرَفَهُ الْأَمِينُ بِنَفْسِهِ إِلَى الْمَصَالِحِ، وَإِنْ كَانَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْمَصَالِحِ فَهَلْ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ، أَمْ يُفَرِّقُهُ الْأَمِينُ بِنَفْسِهِ، أَمْ يُوقَفُ إِلَى أَنْ يَظْهَرَ بَيْتُ الْمَالِ وَمَنْ يَقُومُ بِشَرْطِهِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.

قُلْتُ: الثَّالِثُ ضَعِيفٌ وَالْأَوَّلَانِ حَسَنَانِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْأَوَّلُ. وَلَوْ قِيلَ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لَكَانَ حَسَنًا، بَلْ هُوَ عِنْدِي أَرْجَحُ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

وَعَلَى الثَّانِي وُقُوفُ مَسَاجِدِ الْقُرَى، يَصْرِفُهَا صُلَحَاءُ الْقَرْيَةِ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ وَمَصَالِحِهِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَمِينٍ، فَيُدْفَعُ إِلَيْهِ لِيُفَرِّقَهُ. وَإِذَا قُلْنَا بِالصَّرْفِ إِلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا نَقَلَهُ ابْنُ كَجٍّ: أَنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ يُقَدَّمُ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ. وَالصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ: يُصْرَفُ إِلَى جَمِيعِهِمْ. وَهَلْ هُوَ إِرْثٌ، أَمْ شَيْءٌ مَصْلَحِيٌّ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَشْبَهُهُمَا بِأَصْلِ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ الْمَصْلَحَةِ، وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ، قَالَ: وَيُصْرَفُ إِلَيْهِمْ إِنْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ، أَوْ إِلَى غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَصَالِحِ. فَإِنْ خِيفَ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ مِنْ حَاكِمِ الزَّمَانِ، صُرِفَ إِلَى الْأَصْلَحِ بِقَوْلِ مُفْتِي الْبَلْدَةِ.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا بِتَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ: أَنَّهُ يُصْرَفُ إِلَى جَمِيعِهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْمِيرَاثِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَابِ الثَّامِنِ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِهِمْ وَالرَّدِّ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>