للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبَنُو الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَالْعَمُّ لِلْأُمِّ، وَبَنَاتُ الْأَعْمَامِ، وَالْعَمَّاتُ، وَالْأَخْوَالُ، وَالْخَالَاتُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعُدُّهُمْ أَحَدَ عَشَرَ، وَيَفْصِلُ الْجَدَّ عَنِ الْجَدَّةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَقْصُودُ لَا يَخْتَلِفُ، فَهَؤُلَاءِ لَا يَرِثُونَ بِالرَّحِمِ شَيْئًا عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ، وَابْنُ سُرَيْجٍ: إِنْ لَمْ يُخَلِّفِ الْمَيِّتُ إِلَّا ذَا فَرْضٍ لَا يَسْتَغْرِقُ رُدَّ الْبَاقِي عَلَيْهِ، إِلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ فَلَا رَدَّ عَلَيْهِمَا. فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ ذَا فَرْضٍ وَلَا عَصَبَةٍ، وَرِثَ ذَوُو الْأَرْحَامِ.

وَقَوْلُنَا: إِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ وَلَا يُرَدُّ، هُوَ فِيمَا إِذَا اسْتَقَامَ أَمْرُ بَيْتِ الْمَالِ، بِأَنْ وَلِيَ إِمَامٌ عَادِلٌ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ إِمَامٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَجْمِعًا لِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ، فَفِي مَالِ مَنْ لَا عَصَبَةَ لَهُ وَلَا ذَا فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَبِي حَامِدٍ وَصَاحِبِ (الْمُهَذَّبِ) : لَا يُصْرَفُ إِلَى الرَّدِّ، وَلَا إِلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِ نَائِبِهِمْ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُرَدُّ وَيُصْرَفُ إِلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَصْرُوفٌ إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ بِالْإِجْمَاعِ. فَإِذَا تَعَذَّرَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْآخَرُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ كَجٍّ، وَبِهِ أَفْتَى أَكَابِرُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي، هُوَ الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ عِنْدَ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا، وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ وَأَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ سُرَاقَةَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِنَا وَمُتَقَدِّمِيهِمْ، وَهُوَ أَحَدُ أَعْلَامِهِمْ فِي الْفَرَائِضِ وَالْفِقْهِ وَغَيْرِهِمَا، ثُمَّ صَاحِبُ (الْحَاوِي) ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَالْمُتَوَلِّي، وَالْخَبْرِيُّ - بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ - وَآخَرُونَ، قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ مَشَايِخِنَا. قَالَ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى الْيَوْمَ فِي الْأَمْصَارِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ (الْحَاوِي) عَنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: وَغَلِطَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي مُخَالَفَتِهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ مَنْعُهُمْ إِذَا اسْتَقَامَ بَيْتُ الْمَالِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>