أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ فَرْضِ هَذَا الشَّهْرِ، أَمْ يَكْفِي فَرْضُ رَمَضَانَ؟ وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ. فَإِنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّعَرُّضُ لِلْيَوْمِ، لَمْ يَضُرَّ الْخَطَأُ فِي أَوْصَافِهِ. فَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءِ صَوْمَ الْغَدِ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، أَوْ نَوَى رَمَضَانَ السَّنَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَهُوَ يَعْتَقِدُهَا سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَكَانَتْ سَنَةَ أَرْبَعٍ، صَحَّ صَوْمُهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى صَوْمَ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ، أَوْ رَمَضَانَ سَنَةِ ثَلَاثٍ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنِ الْوَقْتَ.
ثُمَّ إِنَّ لَفْظَ الْغَدِ، أَشْهَرُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي تَفْسِيرِ التَّعْيِينِ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ مِنْ حَدِّ التَّعْيِينِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ نَظَرِهِمْ إِلَى التَّبْيِيتِ.
وَلَا يَخْفَى مِمَّا ذَكَرْنَاهُ قِيَاسُ التَّعْيِينِ فِي الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ. وَأَمَّا صَوْمُ التَّطَوُّعِ، فَيَصِحُّ بِنِيَّةِ مُطْلَقِ الصَّوْمِ، كَمَا فِي الصَّلَاةِ.
فَرْعٌ
قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْمَكَارِمِ فِي «الْعُدَّةِ» : لَوْ قَالَ: أَتَسَحَّرُ لِأَقْوَى عَلَى الصَّوْمِ، لَمْ يَكْفِ هَذَا فِي النِّيَّةِ. وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ «نَوَادِرِ الْأَحْكَامِ» لِأَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَتَسَحَّرُ لِلصَّوْمِ، أَوْ شَرِبَ لِدَفْعِ الْعَطَشِ نَهَارًا، أَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْجِمَاعِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ. كَانَ ذَلِكَ نِيَّةً لِلصَّوْمِ.
وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ إِنْ خَطَرَ بِبَالِهِ الصَّوْمُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لَهَا، لِأَنَّهُ إِذَا تَسَحَّرَ لِيَصُومَ صَوْمَ كَذَا، فَقَدْ قَصَدَهُ.
تَبْيِيتُ النِّيَّةِ شَرْطٌ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ، فَلَوْ نَوَى قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ صَوْمَ الْغَدِ، لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ نَوَى مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا تَخْتَصُّ النِّيَّةُ بِالنِّصْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute